IMLebanon

واشنطن تراجع حساباتها لبنانياً… وتعيد تعويم حلفائها 

 

في الزيارات الاخيرة للموفد الاميركي آموس هوكشتاين الى بيروت، كان يحصر لقاءاته برئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وبقائد الجيش العماد جوزيف عون، كما كان يجتمع بوزير الخارجية عبدالله بو حبيب خلال لقائه بميقاتي. كانت معظم هذه اللقاءات شكلية، واللقاء الاساسي محور الزيارة في عين التينة، حيث يلعب رئيس المجلس النيابي ومنذ اندلاع الحرب في غزة دور الوسيط بين حزب الله والاميركيين. لا اجوبة سيعطيه اياها ميقاتي ولا بو حبيب. اما اللقاء مع العماد فله دائما ابعاد كثيرة نظرا للعلاقة الوطيدة التي تجمع واشنطن بقيادة الجيش.

 

لذلك، كان لافتا في الزيارة الاخيرة التي قام بها المبعوث الاميركي الى بيروت، لقاؤه وفدا من المعارضة في مجلس النواب، كما رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط، علما ان مفتاح الحل والربط بما يتعلق بجبهة الجنوب في مكان واحد، وهو ما يدركه الاميركيون تماما. فلماذا قرروا هذه المرة لقاء المعارضة؟

 

ايقنت واشنطن انها وباستبعاد لقاء هوكشتاين بحلفائها اللبنانيين، والتركيز على اجتماعه حصرا ببري على اعتباره وسيطا بينها وبين حزب الله، انما ترسخ فكرة ان الآمر الناهي وصاحب الكلمة في لبنان هو حزب الله وحده، بينما ما تريده وتعمل عليه منذ سنوات كانت تقوية معارضيه بمسعى لتحجيمه. وتقول مصادر واسعة الاطلاع ان “الاميركيين استلحقوا انفسهم وقرروا مجددا محاولة اقحام حلفائهم بملف الوضع في الجنوب، وهم يعلمون ان لا حول لهم ولا قوة فيه، لكن حتى الشكليات اساسية في التعامل مع ملف استراتيجي بهذا الحجم”.

 

واعتبرت المصادر انه “صحيح ان المشهد في مجلس النواب، حيث تم جمع وجوه مُعارضة اساسية في مكان واحد ولم يتكبد هوكشتاين عناء التجوال عليهم، لم يرق لمعارضين آخرين والارجح لبعض من التقاهم، الا السعي اقله لوضعهم في صورة المشهد العام، وفي اجواء ما يُطبخ في الاروقة الاميركية من حلول للوضع في الجنوب اللبناني بعد انتهاء الحرب، وهذا امر اساسي بعد مرحلة من تهميش حلفاء اميركا في لبنان، ما ادى لاستياء عارم في صفوفهم وخروج بعضهم لتوجيه رسائل وان كان بشكل غير مباشر للادارة الاميركية. وما تحذير رئيس حزب “القوات اللبنانية” مرارا وتكرارا من تسوية خارجية تأتي بمرشح حزب الله رئيسا، وبرفضه السير بها ايا كانت الظروف، الا رسالة واضحة للاميركيين الذين لا تزال خطوطهم مفتوحة مع الايرانيين، رغم الحرب المحتدمة في غزة وفي ارجاء المنطقة”.

 

وترى المصادر انه “من المجدي التوقف عند قرار هوكشتاين تخصيص جنبلاط بزيارة في دارته، وهي زيارة لم يقم بها الى جعجع” ، مرجحة ان تكون الزيارة تندرج في “اطار اجتذاب الزعيم الدرزي مجددا للصف الاميركي، بعدما بات يغرد اقرب الى سرب محور المقاومة نظرا لموقفه المبدئي من القضية الفلسطينية”. وتضيف المصادر: “رغم تمايز جنبلاط في هذا الملف، الا انه ليس بصدد التمترس اطلاقا بمواجهة الولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية، وهو ما يبدو جليا برفضه حتى الساعة اقله تأييد انتخاب رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، رغم المحاولات الكبيرة المستمرة من حليفه الاستراتيجي نبيه بري” . ورجحت المصادر الا يُقدم على “صب اصوات” اللقاء الديموقراطي ” لصالح فرنجية، الا اذا استشعر ان هناك “أبة باط” اميركية او سعودية لانتخابه”.

 

ويبدو واضحا، ومع فشل مبادرة “الاعتدال الوطني” ان الملف الرئاسي بات جزءا لا يتجزأ من اي تسوية مقبلة للمنطقة، وان الرئيس اللبناني الجديد لن يكون هو من يفاوض باسم لبنان، انما سيكون جزءا من المفاوضات وسيُحسم اسمه نتيجة deal دولي كبير.