Site icon IMLebanon

واشنطن قلقة من إلغاء الهبة السعودية.. وتسعى لإحيائها

الوفد النيابي يلمس حرصاً أميركياً على الاستقرار اللبناني

واشنطن قلقة من إلغاء الهبة السعودية.. وتسعى لإحيائها

لم تقف تداعيات إلغاء الهبة السعودية للبنان عند الحدود اللبنانية. وفيما توزع الحكومة و «14 آذار» جهودهما بين السعي إلى استرضاء المملكة بأمل إلغاء قرارها، واستثمار هذا القرار داخلياً من خلال الهجوم على «حزب الله» ووزير الخارجية جبران باسيل ومن خلاله «التيار الوطني الحر»، كان هنالك من أعلن بهدوء عن مساع لإعادة المياه إلى مجاريها.

في المعطيات نقلاً عن عضو في الوفد النيابي إلى واشنطن، أن الأميركيين فوجئوا بقرار الرياض، علماً أنه سبق أن سمع وزير الخارجية الأميركي جون كيري شخصياً من نظيره السعودي عادل الجبير، قبل إلغاء الهبة، تأكيد التزام بلاده بصفقة «السوبر توكانو»، التي كان يفترض أن تموّل من هبة المليار دولار. وعليه، فقد سمع أعضاء الوفد، الذي يضم النواب: ياسين جابر، محمد قباني، روبير فاضل، باسم الشاب، آلان عون ومستشار الرئيس نبيه بري علي حمدان والسفير السابق انطوان شديد، خلال لقاءاتهم المكثفة مع مسؤولين في الإدارة الأميركية، إشارة إلى أنها ستتواصل مع الرياض لحثها على إعادة تفعيل الهبة، لما لها من أهمية في زيادة قدرات الجيش اللبناني، الذي يضطلع بدور فعال في محاربة الإرهاب.

حفاوة الاستقبال التي لقيها الوفد كانت من الإشارات الإيجابية التي تلقفها أعضاؤه. والجولة التي خصصت لهم في جناح عمل الرئيس الأميركي في البيت الأبيض، لم تكن سوى لفتة مميزة وجزء من الترحيب الذي فسر حرصاً أميركياً واضحاً على لبنان.

بالنسبة للأميركيين لا أولوية في لبنان على أولوية الاستقرار وحمايته، ولذلك هم مهتمون بالمساعدات العسكرية للجيش اللبناني، حتى وصل لبنان إلى المرتبة السادسة من بين الدول التي تلقى دعماً عسكرياً من واشنطن. كذلك سمع الوفد من المسؤولين الأميركين الذين التقوهم وعداً بالسعي لزيادة إضافية للمساعدات على خلفية إلغاء الهبة السعودية، علماً أن قائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي زار واشنطن مطلع الشهر الحالي، حمل بدوره وعداً بتكثيف المساعدات.

القرار الأميركي يحسم قلق اللبنانيين، بعيد إلغاء الهبة السعودية، عن تراجع الحرص الدولي على استقرار لبنان. فقد بدا جلياً في اللقاءات الأميركية أن هذا الاستقرار هو خط أحمر بالنسبة لواشنطن. ولذلك ردد كل أميركي التقى الوفد النيابي جملة بدت بمثابة «العبارة ـ المفتاح»: ممنوع سقوط لبنان.. واستقراره من أولوياتنا.

وتحت مظلة حماية الاستقرار، التي حملها النواب اللبنانيون الى العاصمة الأميركية، كان الشق المالي ثاني أبرز المواضيع التي تناولها الوفد مع مضيفيه، خصوصاً على خلفية القانون الذي صدر في كانون الأول الماضي وينص على فرض عقوبات على المتعاملين مع «حزب الله» وقناة «المنار»، إن كانوا مصارف أو شركات أو أفراداً.

وكما في الشق الأمني، لم تغب التطمينات عن الشق المالي في المحادثات. طبعاً لم يتطرق الوفد إلى مسألة «حزب الله» والعقوبات عليه، لكنه أبرز قلقه من الآثار الجانبية لهذه العقوبات، كأن تطال مصالح اللبنانيين عامة، خصوصاً أن المصارف اللبنانية، كما عدد من المغتربين ورجال الأعمال، يبدون قلقاً مستمراً من تأثير هذه القوانين على أعمالهم وعلى التحويلات المالية.

وإذ تفهم الأميركيون الهواجس اللبنانية، فقد أشاروا إلى أن حرصهم على الاستقرار المالي والاقتصادي لا يقل عن حرصهم على الاستقرار الأمني. كما أكدوا أن القانون الذي صدر، لا يشكل تغيراً في تعامل الولايات المتحدة مع «حزب الله»، المصنف لديها منظمة إرهابية، إنما يأتي في سياق القوانين السابقة.

وإذ صودف تزامن زيارة الوفد مع إعلان مجموعة «غافي» المعنية بمكافحة تبييض الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، أن لبنان «استوفى كل الشروط المطلوبة من حيث القانون والممارسة، لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وسلاح الدمار الشامل»، فقد لمس أعضاء الوفد أن التعاطي مع لبنان قبل إقرار القوانين التي كانت مطلوبة دولياً لم يعد هو نفسه بعدما أوفى بكل التزاماته، خصوصا أنه «لن يكون هناك أي مطالبة أو متابعة تخص لبنان»، كما أعلنت الجمعية العمومية لـ «غافي».

باختصار، كان التفهم لقلق لبنان واضحاً، مع تأكيدات أن لا استهداف لأي قطاع أو فئات. لكن مع ذلك، صدرت إشارات إيجابية بأخذ كل الهواجس بالاعتبار في المراحل التطبيقية للقوانين، وأن لا تؤثر هذه الخطوات سلباً على لبنان. علماً أن الأميركيين لديهم حساسية من أن ينعكس أي إجراء سلباً عليهم قضائياً، حيث يمكن لأي فرد تعرض للعقوبات ظلماً أن يتقدم بدعوى يطالب فيها الحكومة الأميركية بتعويضات كبيرة.

وفيما لم يغب موضوع النازحين السوريين الذين يستضيفهم لبنان عن المحادثات، فقد كان هنالك تفهم أميركي، خصوصاً في اللقاء مع لجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ، للضغوط التي يتعرض لها لبنان جراء هذا الملف.

الأكيد، بحسب انطباعات عدد من أعضاء الوفد، أن لبنان ليس موجوداً على خريطة التأثير في واشنطن. وبخلاف مجموعات الضغط المختلفة التي تعمل على تأمين مصالح بلدانها في الإدارة وفي الكونغرس، فإن لبنان يكتفي بلجنة «ليبانون كوكس» التي تضم بعض أعضاء مجلسي النواب والشيوخ من أصول لبنانية، ولذلك، فقد كان قرار الرئيس نبيه بري أن يشكل الوفد النيابي نواة لجنة صداقة تلاقي اللجنة الأميركية، وتساهم في إيجاد شبكة تواصل مستمرة مع واشنطن تتخطى الزيارات المباشرة.

وفي تفاصيل اللقاءات، التي أجراها الوفد، كانت بداية اليوم الثاني بلقاء عضو الكونغرس الأميركي رالف آبراهام، قبل أن ينتقل إلى البنتاغون، حيث التقى مستشار ومساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط أندرو أكسم وتركز البحث على المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني.

بعدها، توجه الوفد إلى وزارة الخزينة، حيث بحث مع مساعد وزير الخزينة لشؤون مكافحة الإرهاب داني غليزر في الضغوط المالية التي يتعرض لها لبنان ومضاعفاتها على الاقتصاد اللبناني.

وعقد الوفد النيابي عشاء عمل مع نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط لاري سيلفرمان ومسؤول لبنان فيها رولاند مكاي.

كذلك زار الوفد مقر البنك الدولي، حيث تم عرض المشاريع التي يموّلها البنك في لبنان، ولا سيما ما يتعلق ببرامج دعم الطبقات الفقيرة.