لم تكد تهدأ عاصفة الحديث عن العقوبات الاميركية والردود التي أثارتها واستتبعت بزيارات سياسية ومالية الى العاصمة الاميركية للوقوف على حقيقة ما قد تطاله وتداعياتها، وسط الحديث المتكرر عن تهديدات بوقف المساعدات العسكرية للجيش اللبناني خلافا لما تبينه الوقائع، عاد الموضوع الى الواجهة من باب زيارة رئيس الحكومة الى الولايات المتحدة الاميركية عشية انقضاء مهلة العروض المقدمة من حزب الله للمسلحين في جرود السلسلة الشرقية قبل اطلاق حملة تطهيرها التي ما زالت ساعة صفرها غير محددة.
اوساط سياسية عليمة بتوجهات الادارة الاميركية الحالية اشارت الى ان اهتمام واشنطن بلبنان يتركزعلى خطين اساسيين متلازمين:
-دعم الدولة اللبنانية بما يدعم الاستقرارين الامني والاقتصادي، من خلال تأمين الاستثمار الاميركي في المجال العسكري والامني في لبنان والذي بلغ حدود مليار و350 مليون دولار من المساعدات منذ عام 2006، حيث علم ان تخفيض موازنة المساعدات الخارجية العسكرية لعام 2018 لن يطال بيروت، يقابل ذلك حرص القيادة العسكرية اللبنانية على قيام افضل العلاقات مع الجانب الاميركي وهو ما ترجمته الزيارة الناجحة لقائد الجيش الى واشنطن.
-الضغط على حزب الله من ضمن مراعاة الواقع الاجتماعي اللبناني، بوصف الحزب قد تحول الى قوة اقليمية اساسية قادرة على فرض معادلات تهدد الامن الاستراتيجي الاميركي في المنطقة ككل ،بحكم العلاقات القوية التي تربطه بالجمهورية الاسلامية الايرانية، وهو ما يستدعي تحرك عاجل لاعادة احتواء حارة حريك ضمن المساحة اللبنانية، ذلك فضلا عن الخطر الدائم الذي يمثله الحزب على اسرائيل، المصرة والمستعجلة للحسم مع وصول قوات الحرس الثوري الى حدودها من الجولان الى البحر عند الناقورة بعدما نجحت استراتيجة فتح الطريق البرية من طهران عبر بغداد الى دمشق فبيروت.
وتلفت الاوساط في هذا المجال الى قرار واضح بالسير بشكل متواز على المسارين ، الاول من خلال زيادة ورفع مستوى التعاون الذي بلغ حد اعلان قائد القيادة الوسطى الاميركية عن فتح مخازن الجيش الاميركي في المنطقة امام الجيش اللبناني، والثاني، الى مزيد من التشدد ازاء كل ما له علاقة بإيران في لبنان، مع انجاز قانون العقوبات «الموعود» في صيغته النهائية، وترجيح صدوره بعد انتهاء العطلة الصيفية، رغم كل المراجعات اللبنانية الرسمية عبر حركة الوفود التي زارت واشنطن دون ان تتمكن من الاجتماع بأصحاب القرار الفعليين والفاعلين لجهة امكان تخفيض حدة العقوبات وعدم ملامستها بعض من هم في السلطة، بل اقتصارها على موظفين في مواقع اميركية رسمية استمعوا الى المطالب التي ركزت على ضرورة تحييد القطاع المصرفي اللبناني كونه العمود الفقري للدولة اللبنانية.
وفي هذا الصدد، علم ان لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الاميركي تبحث مشروع قانون لحث الاتحاد الأوروبي على تصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، بجناحيه السياسي والعسكري، معولة في ذلك على دعم فرنسا .وهو المشروع الذي قدمه النائب الديمقراطي ثيودور ديوتش، حيث يشير إلى أن إيران تقدم ما وصل إلى مئتي مليون دولار سنويا إلى «حزب الله» في شكل دعم مالي وأسلحة وتدريبات، وأن الحزب يمتلك ترسانة تحوي 150 ألف صاروخ. ويطالب المشروع الاتحاد الأوروبي بتنفيذ الجزاءات المفروضة على الإرهابين المرتبطين بـ«حزب الله» بالتزامن مع الولايات المتحدة، وتسمية «حزب الله» بأكمله منظمة إرهابية، وإصدار مذكرات توقيف بحق أعضاء «حزب الله» ومؤيديهم، وتجميد أصولهم في أوروبا، وحظر أي أنشطة لجمع التبرعات لـلحزب.
وتعرب الاوساط عن اعتقادها بان زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى واشنطن لن تغير شيئا في الواقع بل انه سيسمع كلاما شديد اللهجة فيما خص بعض سياسات الدولة اللبنانية ، وسيكون مضطرا الى تقديم اجابات واضحة حول بعض المسائل العالقة والتي يعود القرار فيها الى القيادة السياسة اللبنانية، خصوصا في ظل التسريبات عن محاولة بعض النواب الاميركيين في لجنة الشؤون الخارجية المحسوبين على اللوبي الاسرائيلي تامين جلسة استماع لوزير الدفاع الاميركي تتناول الاوضاع على الجبهة الشرقية بعد التطورات الاخيرة ووجهة استعمال السلاح المقدم للجيش اللبناني في ظل الحديث عن معركة منتظرة لتطهير الجرود يعارضها الاميركيون وترفضها اسرائيل.
فهل ينجح الرئيس الحريري حيث فشل الآخرون؟ ام ينجح حزب الله في استيعاب العقوبات كما فعل عندما احتوى وهضم المجموعة الاولى منها زمن ولاية الرئيس باراك اوباما ناجحا في الافلات منها؟