واشنطن ماضية في مسار ضرب إيران وأذرعها.. وتيليرسون يسوّق في باريس
الولايات المتحدة تواصل رصد حزب الله وتعمل على تعطيل أي محاولة للعمل داخل حدودها
«يتصاعد الكلام في واشنطن عن إمكان ألا يكمل ترامب رئاسته الأولى ربطاً بالتحقيقات حول احتمال تدخل روسيا في الانتخابات الأميركية»
في غضون أسابيع قليلة، إنقلب الشرق الأوسط رأسا على عقب، من إشكالية كركوك الى التطورات اليمنية، وصولا الى قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل سفارة بلاده الى القدس، وما بين هذا كلّه إستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري وإلتباساتها الكثيرة التي توضَّح بعض منها، فيما لا يزال الجزء الأكثر تشويقاً وسخونة قيد الكتمان بقرار من الحريري نفسه.
الأحدث بين هذه التقلّبات الشرق أوسطية، أي القرار الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ستبقى تداعياته محصورة الى حدّ ما، نظرا الى أن رد الفعل الرسمي يُبطن غير ما يعلن، في حين أن الردود الشعبية، مهما علت، ستبقى قاصرة عن التأثير في آليات صنع القرار الأميركي على مستوى اللوبيات المقرِّرة والـEstablishment الحاكم الذي يسيطر عليه راهنا الحزب الجمهوري.
ولا يخفى تصاعد الكلام في واشنطن عن إمكان ألا يكمل ترامب رئاسته الأولى (السنوات الأربع)، ربطا بالتحقيقات التي يجريها روبرت مولر، المحقق الخاص في احتمال تدخل روسيا في الانتخابات الأميركية وعلاقتها بترامب، لذا يحرص الحزب الجمهوري، وفق بعض مصادر المعلومات والتقارير، على أن ينجز الرئيس ترامب ما يُسمّى «مهمّات غير سوية» Dirty Jobs، من مثل نقل السفارة الى القدس وقانون الضرائب الجديد المفصّل على قياس الشركات الكبرى، وهي في هذا المجال اللوبيات المؤثرة في صنع القرار السياسي والعسكري، وقبلهما نسف «قانون الرعاية الصحية بأسعار معقولة» المعروف بـObamacare والذي أرادت منه الإدارة الرئاسية السابقة توفير التأمين الطبي لنحو 95% من السكان بحلول 2019، بشكل أسهل وأقل تكلفة، علما أنه حتى عام 2010، ظلت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة بين الدول المصنعة والمتطورة التي لا توفر رعاية صحية شاملة لمواطنيها، تاركة المجال للقيام بذلك عبر شركات خاصة، ويكمن هنا تحديداً لبّ الاعتراض الجمهوري.
تبقى المسألة الإيرانية أكثر التحديات الحاضرة في أذهان الجمهوريين وسواعدهم. ذلك أن للحزب والإدارة الرئاسية، على حد سواء، علاقة مصلحية في نسف الإتفاق النووي، وتاليا إنجاز كامل الإنقلاب على الديمقراطيين وإدارة الرئيس السابق باراك أوباما.
تمضي إدارة ترامب قدما في مسار ضرب إيران. ويكاد يشكّل هذا الواقع المساحة المشتركة الوحيدة بينها وبين وزارة الخارجية. لذا من المتوقع أن تزخّم واشنطن مسعاها لإستهداف إيران، مباشرة وعبر أذرعها. وكان آخر ما سُجّل في هذا السياق، المسعى الذي قاده وزير الخارجية ريكس تيليرسون في اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان في باريس وعلى هامش مداولاته، وهو المتمسّك بتشجيع الحكومة اللبنانية وباقي الدول على «التحرك بقوة اكبر للحد من نشاط حزب الله المزعزع للاستقرار فى المنطقة توصلاً الى جعل لبنان اكثر استقرارا».
ويتحدث تقرير أميركي عن أن «إدارة ترامب متلهّفة لمواجهة إيران وتعتبر حزب الله عميلاً أساسياً لطهران، ومشاركاً في عددٍ كبير من العمليات التي يصفها المسؤولون بـ«النشاطات الخبيثة» للنظام الإيراني».
ويشير الى أن إدارة ترامب في حملتها العلنية ضدّ حزب الله، تسعى إلى تحقيق هدفين:
أ- تعطيل الحملة المستمرة التي يقوم بها الحزب لجمع الأموال والخدمات اللوجستية والعمليات.
ب – التركيز على التباين بين العمليات غير القانونية التي يقوم بها الحزب وسعيه إلى تصوير نفسه على أنه حزب سياسي شرعي.
ويرى التقرير أن واشنطن تسعى في المرحلة المقبلة الى «مواصلة رصد نشاطات حزب الله عن كثب حول العالم والعمل بعزم ودأب على تعطيل أي محاولات للحزب للعمل داخل حدود الولايات المتحدة. وما زال الرصد الدقيق مستمراً، خصوصا بعدما كشفت السلطات معلومات جديدة تتعلّق بدور الحزب في تفجير الرحلة رقم 00901 لشركة الطيران «ألاس شيريكاناس»، في إشارة الى عملية تفجير قام بها 19 تموز 1994 إنتحاري استقل طائرة بنمية التي كانت بمعظمها تحمل ركابا يهودا. ويشتبه مكتب التحقيق الفدرالي FBI بضلوع حزب الله في هذه العملية، ويكثف راهنا البحث عن معلومات جديدة تعزز هذا الاشتباه.
وحصلت عملية التفجير هذه بعد يوم من الانفجار الذي استهدف مركز الجالية اليهودية في مدينة بوينس آيرس الأرجنتينية. وتتهم واشنطن الحزب بضلوعه فيها أيضا.