فجّرت وزارة العدل الأميركية، أول من أمس، مفاجأة من العيار الثقيل، بإعلانها التوصّل مع الجامعة الأميركية في بيروت إلى تسوية، تدفع بموجبها الجامعة مبلغ 700 ألف دولار أميركي و«تعتذر عن فعلتها»، بسبب قيامها باستضافة صحافيين من تلفزيون المنار وإذاعة النور بين عامي 2007 و2009!
هكذا إذاً، تُقاضى «الجامعة الأميركية في بيروت» بتهمة استضافة صحافيين في كيانين مدرجين على لائحة «SDN» «قائمة المواطنين الملحوظين» ضمن قائمة «OFAC» للعقوبات الأميركية، بسبب ما اعتبرته «وكالة التنمية الأميركية» (يو. أس. آيد) خرقاً لاتفاقات الدعم الخاصّة بالجامعة، أو المؤسسات التي تتلقّى دعماً حكومياً أميركياً. وتضيف لائحة «الاتهام» الأميركية التي جرى على أساسها «تجريم» الجامعة الأميركية، أن الجامعة أدرجت على لائحة المنظّمات غير الحكومية على موقعها الإلكتروني اسم «مؤسسة جهاد البناء»، المدرجة بدورها على لائحة «أوفاك» و«أس. دي. أن.»، بما يعدّ ترويجاً أمام الطلاب لمؤسسة محظورة.
ردّ الجامعة الأميركية الرسمي أمس جاء ليثبّت حرفياً ما ذكره بيان وزارة العدل الأميركية المنشور على موقعها الإلكتروني حول التسوية المذكورة، ويؤكّد التزام الجامعة مستقبلياً بالخطوط العريضة التي تضعها «يو. أس. آيد» أمام المستفيدين من الدعم الحكومي الأميركي. وأكّد بيان الجامعة أيضاً أن ما قامت به الأخيرة لم يكن عن قصد!
لطالما قدمت «الجامعة الأميركية في بيروت» نفسها كمساحة لكلّ الناس، لبنانيين وعرباً وأجانب، يمينيين ويساريين وقوميين ومتدينين وملحدين، مذ كانت تدعى «الكلية الإنجيلية السورية» قبل أكثر من 150 عام. والحقيقة، أن هذه التسوية / العقوبة، التي فرضتها وزارة العدل الأميركية على الجامعة، هي مسألة قديمة، ومن غير الواضح الهدف من الإعلان عن الأمر الآن، وتسليط الضوء على خطوات تنوي الإدارة الأميركية الجديدة اتخاذها بحقّ كل ما يمتّ إلى المقاومة بصلة، بحجّة مكافحة الإرهاب.
ويطرح الإعلان الكثير من الأسئلة عن السياسة المستقبلية للجامعة الأميركية، ما دامت قد أكّدت في بيانها التزامها بسياسة الداعمين، أي «يو. أس. آيد»، والتأكيد على تقديم تقارير فصلية مفصلة عن الجهات أو الأفراد أو التلاميذ، الذين يستفيدون من هذا الدعم، علماً بأن الجامعة الأميركية كانت تزعم أنها تعتمد معايير موحّدة في المنح المالية المخصصة لمساعدة التلامذة على أساس وحيد هو الكفاءة العلمية، وليس اللون أو الدين أو العرق أو الموقف السياسي، قبل أن تقرّر «يو. أس. آيد» تحويله إلى فئة محددة من اللبنانيين، واستبعاد نصفهم على الأقل، على شاكلة المؤسّسات الطائفية والسياسية الأخرى في لبنان والشرق!
وفيما تضيق مساحة الحريّة أكثر فأكثر في الجامعة التي تسوّق لنفسها حامية للحريات، تفتح الـ«AUB» أبوابها لمحاضرين مثل السيدة أربيلّا بربير، الموظّفة في السفارة الأميركية، والتي تولّت الفصل الماضي تدريس مادة «استراتيجيات الأمن الدولي ومكافحة والارهاب». وبحسب مصادر من داخل الجامعة، عمدت بربير إلى توصيف حزب الله كمنظّمة إرهابية في محاضراتها، ما أثار اعتراض عددٍ من التلاميذ، فما كان من بربير إلّا أن عمدت إلى تهديد الطلاب بتقديم شكاوى بحقّهم لدى «السلطات المختصة» في الجامعة!