حديث محلي عن حرب في الربيع والمساعدات العسكرية الأضخم لتل أبيب أحد مؤشراتها
واشنطن تدوّر زوايا التهديد الإسرائيلي لكنها تكثّف الخناق على حزب الله
وضع الموقف الأميركي التطميني (نوعا ما) الذي وصل الى رئاسة الجمهورية، مياها في نبيذ التصعيد الإسرائيلي جنوبا على خلفية مسألة الأنفاق. قيل ان الغرض من هذا التوتير داخلي مرتبط بالمأزق السياسي – القضائي الذي يحيط برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي إعتاد – كما دأْب غالبية المستوى السياسي في تل أبيب – إستنباط معارك خارجية جانبية لتفادي محاسبة داخلية. لكن قيل أيضا أن من يرفع سقف الحدي الى هذا الحد لا يضمر مجرّد تهديد للهروب من محاسبة ما.
يذكّر إستعراض الأنفاق بـ «إستعراض الإتفاق» الذي فعله في 30 نيسان 2018 وخصصه في حينه لعرض ما قال إنها أدلة على خداع طهران وإلتفافها على الاتفاق مع المجتمع الدولي لمتابعة برنامجها النووي العسكري. يومها كان الغرض تحشيد الضغط الدولي لملاقاة رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إلغاء الإتفاق.
في الحالين أدى الإستعراضان الغاية منهما، مع فارق أن مناورة الأنفاق تصوّب أيضا في الإتجاه الداخلي، ربما في محاولة للتأثير في النقاش المحلي (المجمّد راهنا) عن السلاح، بحثا عن تقاطعات تعتقد تل أبيب أنها مفيدة، وقد تتوافر ظروفها على خلفية إستحكام الخلاف السياسي – الحكومي. ولا يخرج عن هذا السياق ما تردد في أوساط مناهضة للعهد عن حرب إسرائيلية حتمية في ربيع سنة 2019، وإن كان ما حكي أُريد له أن يكون دافعا لتسريع تأليف الحكومة كممر أكيد للتخفيف من وطأة الأزمة الإقتصادية – المالية، في إنتظار الحرب المقبلة.
إذن، التهديد الإسرائيلي الذي دوّر زواياه التطمين الأميركي الرسمي الذي تبلّغه لبنان، يأتي في السياق نفسه لمسار ما بعد حرب الـ2006، لكن مع إضافة مقلقة تتمثّل في توكيل واشنطن تل أبيب التصدي للتوسّع الإيراني في سوريا.
يروي مطّلعون على موقف الإدارة الأميركية، أن ثمة تصميما في واشنطن على الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، وهي لهذه الغاية سلّمت لتل أبيب، بيد مطلقة، مسألة التصدي العسكري – الإستخباري للدينامية الإيرانية في سوريا بمنظوماتها المتنوعة لبنانيا وعراقيا، بدءا بالغارات الجوية ومن ثم بالصواريخ العابرة منذ أن أُسقطت الطائرة المدنية الروسية.
ويستبعد هؤلاء تمدد التكليف الأميركي لإسرائيل لبنانياً، لمجموعة إعتبارات، في مقدمها قناعة لدى الإدارة بأن طالما لبنان الرسمي قادر على توفير الحد الأدنى من الإستقرار السياسي، معطوفا على توفيره الحد الأدنى من التصدي لـ «حزب الله» بصفته عاملا رئيسيا في الدينامية الإيرانية المشكو منها أميركياً في سوريا، وبصفته كذلك إمتدادا لطهران في عدد من دول المنطقة، أو ما يعرف إصطلاحا بـ «الصراع بالوكالة» Proxy Conflict.
ويشير المطّلعون على الموقف الأميركي الى أن واشنطن تعمل بالتوازي مع التصدي الإسرائيلي العسكري والامني لإيران في سوريا، على تكثيف الخناق السياسي والإقتصادي – المالي على حزب الله بصفته ذراع طهران الأقوى والأشد تأثيرا في عواصم النفوذ الإيراني. فكان أن أصدر الكونغرس الاميركي سلة عقوباته على الحزب، وهو يستعد لتصديق سلة من المساعدات العسكرية الى إسرائيل هي الأكبر على مرّ العلاقة بين البلدين، بما يتعدى الـ38 مليار دولار ممرحلة على السنوات العشر المقبلة.
في هذا السياق، تعتبر أوساط سياسية معنية أن هذا التوجّه الأميركي، وخصوصا الزيادة الهائلة التي لحقت بالمساعدات العسكرية رغم كل ما يحكى عن توجّه في واشنطن لحصر إضافي في الإنفاق في الموازنة الفدرالية، مؤشر نوعي الى الدور الموكَل أميركياً لتل أبيب في الإقليم، وهو دور غير محدود زمنياً أو شكلاً، وهو بالتأكيد لن يكون محدودا جغرافيا. بمعنى أن بعض الكلام المحلي عن حرب إسرائيلية في الربيع تفسّره جهات لبنانية على أنه نتاج هذا التوجّه الأميركي.