Site icon IMLebanon

واشنطن لموسكو: إما الأسد وإما السلام

من حقيبة “النهار” الديبلوماسية

“لن تبقى سوريا وليس ممكناً اعادة توحيدها وبنائها وإحلال الاستقرار والسلام فيها ما دام الرئيس بشار الأسد والمرتبطون به في السلطة. فإما بقاء الأسد وإما العمل معاً من أجل الحل السياسي والسلام. هذا هو موقف أميركا والدول الغربية والاقليمية الحليفة لها”. بهذه الصراحة تحدث وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى المسؤولين الروس استناداً الى معلومات مسؤول دولي بارز معني بالملف السوري ومطلع على مضمون المشاورات الاميركية – الروسية – الاقليمية الاخيرة في فيينا وعواصم أخرى، وقال لنا في جلسة خاصة في باريس: “ان التدخل العسكري الروسي الكبير في سوريا لم يبدل شيئاً من هذه المعادلة ولم يعزز الدور السياسي لروسيا خلافاً لرهاناتها ولم يمنح الرئيس فلاديمير بوتين القدرة على فرض شروطه على الدول المؤثرة الاخرى، بل ان المسؤولين الاميركيين وحلفاءهم شددوا في اتصالاتهم الاخيرة مع بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف على ان الصيغة الوحيدة الواقعية المقبولة لديهم ولدى الغالبية العظمى من السوريين من أجل انهاء الأزمة هي صيغة انتقال السلطة الى نظام جديد استناداً الى بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 مما يؤدي الى انهاء حكم الأسد، وليس ثمة مشروع آخر لحل الأزمة سياسياً يوقف الحرب وينقذ سوريا ويمنع انهيارها الكامل ويسهل القضاء على “داعش” والارهابيين سوى مشروع انتقال السلطة وانهاء حكم الأسد. وأميركا والدول الحليفة مستعدة للتعاون جدياً مع روسيا من أجل تنفيذ هذا المشروع لكنها ترفض التعاون معها من أجل تنفيذ مشروع ابقاء الاسد في الحكم والحفاظ على نظامه بتركيبته وسياساته وتوجهاته التي الحقت الكوارث بسوريا. وهذه الدول تقبل بمشاركة ايران في المفاوضات شرط أن تؤيد القيادة الايرانية بيان جنيف وتدعم عملية انتقال السلطة الى نظام جديد تعددي يحقق المطالب والتطلعات المشروعة لكل مكونات الشعب. وهذه الدول مستعدة لمناقشة توقيت رحيل الأسد مع الروسي اذ يمكن القبول ببقائه فترة قصيرة محدودة متفق عليها شرط تخليه عن صلاحياته الكاملة ونقلها الى هيئة الحكم الانتقالي التي تضم ممثلين للنظام وللمعارضة الحقيقية على أساس قبول متبادل وتحكم سوريا موقتاً وتنفذ عملية الانتقال الى نظام جديد. وهذه المرونة تهدف الى تسهيل عملية انهاء حكم الأسد. وإذا رفضت القيادة الروسية هذه المطالب فلن يكون ثمة حل سياسي للأزمة بل ان الحرب ستتواصل وتتورط روسيا فيها أكثر فأكثر ويزداد الدعم العسكري الغربي والإقليمي للثوار والمعارضين لكي يتمكنوا من مواجهة هجمات النظام وحلفائه عليهم”.

وأفاد المسؤول الدولي “أن المسؤولين الاميركيين يتفقون مع الروس على ضرورة بقاء سوريا موحدة وعلى رفض تقسيمها وعلى ضرورة القضاء على “داعش” والارهابيين وحل الأزمة سياسياً على أساس تطبيق بيان جنيف وتنفيذ عملية انتقال السلطة بطريقة منظمة ومدروسة. لكن الأميركيين يختلفون مع الروس على مضمون عملية انتقال السلطة وطريقة تنفيذها ودور الأسد فيها وهم شددوا في اتصالاتهم مع موسكو على ان سوريا لن تشهد السلام والاستقرار ما دام الاسد والمرتبطون به في السلطة. وركّز الاميركيون في هذه الاتصالات على ضرورة ان تكون المعارضة الحقيقية السورية المعتدلة السياسية والمسلحة شريكاً أساسياً في المفاوضات إذ أن أي حل سياسي للأزمة يجب ان يؤدي الى تقاسم السلطة في المرحلة الانتقالية بين ممثلين للنظام والمعارضة تمهيداً لاجراء انتخابات نيابية ورئاسية تعددية حرة في اشراف الأمم المتحدة من اجل اختيار قيادة جديدة شرعية وبناء سوريا الجديدة التي تحقق التطلعات والمطالب المشروعة لجميع السوريين وليس لفئة منهم”.

ولاحظ المسؤول الدولي ان القيادة الروسية لم تستطع تغيير الواقع الاقليمي – الدولي بعد تدخلها العسكري الواسع في سوريا “اذ انها فشلت في تشكيل تحالف اقليمي – عربي – دولي جديد يدعم عملياتها العسكرية واكتفت بحلف صغير محدود يضمها الى جانب سوريا وايران والحكومة العراقية. وفشل الروس في دفع مجلس الامن الى اصدار قرار يعطي شرعية لدورها الجديد في سوريا ويجعل نظام الاسد شريكاً في الحرب على الارهاب، وفشلوا ايضاً في الاتفاق مع اميركا على خوض عمليات عسكرية مشتركة في سوريا ضد “داعش” لأن حربهم تستهدف خصوصا الثوار والمعارضين للنظام الامر الذي ترفضه واشنطن”.

وفي رأي مسؤول اميركي كبير “أن بوتين يخطئ اذ يراهن على ان اعتماده على الاسد سيحقق له مكاسب ويعزز الدور الروسي اقليمياً ودولياً. الواقع ان تورط بوتين في سوريا يجعله يحتاج اكثر فأكثر الى عقد صفقة مع اميركا والدول الحليفة لها عندما يكتشف ان طموحاته أكبر من قدراته الحقيقية. وواشنطن تنتظر هذه اللحظة”.