لم تضع نهاية معركة «فجر الجرود» والخاتمة التي وصلت اليها حدا للنقاش الذي رافق العمليات العسكرية والذي تمحور حول التعاون والتنسيق بين الجيش اللبناني من جهة والجيش السوري وحزب الله من جهة ثانية، وما تردد حينها عن «فيتو» اميركي – غربي على هكذا خطوة، بل ازداد الامر حدة مع خروج الاعتراض الاميركي الى العلن وانفجار السجال الاعلامي بين التحالف الدولي وكل من طهران وحارة حريك، والذي طالت شظاياه الدولة اللبنانية والجيش وسط عودة للتسريبات عن قرار اميركي بوقف المساعدات العسكرية للجيش اللبناني.
مصادر ديبلوماسية غربية مواكبة للاتصالات الجارية اشارت الى ان كل ما يجري تداوله بعيد كل البعد عن الحقيقة والواقع، فاصرار الناطق باسم التحالف الدولي على ذكر لبنان اكثر من مرة كطرف في اتفاق الترحيل لم يأت عن عبث، بل بناء على معلومات مؤكدة حصلت عليها الجهات المعنية تشير الى اتصالات داخلية لبنانية بين المقرات الرئاسية افضت الى اعطاء الموافقة على الصفقة التي ابرمها حزب الله والذي انتظرت حارة حريك الغطاء اللبناني الرسمي لها قبل المباشرة بالتنفيذ، من هنا والكلام للمصادر فان عتب واشنطن يطال القيادات السياسية ولا علاقة للقيادة او للمؤسسة العسكرية به، اذ ان الجيش خاضع للسلطة السياسية ويأتمر بأوامرها.
واعتبرت المصادر نفسها ان الاميركيين لم يعترضوا قط على تنفيذ العملية العسكرية ضد «داعش» بل على العكس كانوا من ابرز المتحمسين لها وواثقين من قدرة الوحدات العسكرية اللبنانية على انجاز مهمتها وتحقيق النصر دون تدخل اي جهة اخرى، الا انهم في الوقت نفسه تركوا قرار تحديد ساعة الصفر لقيادة الجيش اللبناني، كاشفة ان واشنطن حذرت السوريين وحلفاءهم عبر قنوات اتصال ثالثة من ممارسة اي ضغط او حشر للجيش اللبناني لالزامه بفتح المعركة وفقا لاجندة زمنية لا تتناسب وتحضيراته،مشيرة الى ان القيادة العسكرية الاميركية تابعت عن كثب مجريات المعارك والخطط التي نفذت والمناورات التي اعتمدت، مبدية تقديرها لنجاح الجيش في استخدام السلاح الاميركي باقصى طاقاته.
وتحت هذا العنوان ادرجت اتصال التهنئة الذي اجراه قائد القيادة الوسطى في الجيش الاميركي بالعماد جوزاف عون مهنئا بالانتصار الذي تحقق والانجاز الكبير الذي حققه الجيش، واعدا باستمرار الدعم العسكري لتقوية المؤسسة العسكرية التي اثبتت كفاءة وجدارة عالية، داعيا الى تعزيز الشراكة في اطار مكافحة الارهاب الذي وان ربح الجيش المعركة ضده الا ان الحرب لم تنته بعد. وفي هذا الاطار اشارت المصادر الديبلوماسية الغربية الى ان الجنرال فيتيل يعد من اكثر المتحمسين لدعم الجيش اللبناني وتعزيز قدراته وتزويده بالاسلحة اللازمة، وهو يرفع تقارير دورية في هذا الخصوص الى قيادته.
اتصال تزامن مع زوبعة اثارة مسألة تعليق المساعدات العسكرية الاميركية للجيش اللبناني، حيث دعت المصادر الى انتظار الفترة المقبلة لمعرفة المنحى والشكل الذي ستتخذه تلك المساعدات خصوصا ان انهاء الوجود العسكري للارهابيين في الجرود قد يفرض ايقاعه على نوع المساعدات والتجهيزات المطلوبة في الفترة المقبلة، دون ان يعني ذلك وقف المساعدات انما تغيير في طبيعتها ونوعها وفقا لمقتضيات المرحلة المقبلة، علما ان العديد من برامج المساعدات الموقعة مع الاميركيين لحظت امكانية حصول هكذا تغيير.
وحول الحديث عن طلب استعادة الـ 50 دبابة، اشارت المصادر الى ان المقصود هو مدرعات البرادلي الـ 36 التي ينتظر ان يتسلمها الجيش تباعا ومعها العشر آليات مدرعة لنقل الذخائر، والتي سبق وتم الاتفاق عليها منذ اكثر من سنتين وجرى تمويل عملية الشراء، كما طائرات السوبر توكانو، من الهبة السعودية التي قدمت حينها الى لبنان، وطمأنت المصادر الغربية في هذا المجال الى ان واشنطن ستمارس ضغوطها على المملكة العربية السعودية للاستمرار في خطة تمويل الصفقة كاملة، مشيرة الى ان الجانب اللبناني لم يتبلغ اي طلب اميركي باسترداد تلك المعدات التي دخلت الخدمة مباشرة وشارك جزء منها في العمليات القتالية على الجبهة الشرقية، غامزة في هذا الاطار الى شرط اميركي كان سبق الحديث عنه في الفترة السابقة عن «تمن ورغبة» بعدم استعمال هذه الآليات خارج نطاق الجبهة الشرقية.