Site icon IMLebanon

واشنطن تستهدف إستباقياً حزب الله حول العالم وتنقل الصراع المالي معه إلى بيروت

لا تزال تعتبره «تهديداً متزايداً لمصالح الأمن القومي في الشرق الأوسط والجوار الأميركي»

واشنطن تستهدف إستباقياً حزب الله حول العالم وتنقل الصراع المالي معه إلى بيروت  

يشير التقرير الأميركي إلى أن إيران تموّل حزب الله سنوياً بنحو 200 مليون دولار وسيزيد بعد زيادة الإنفاق الإيراني

بدأت المصارف اللبنانية تطبيق مفاعيل القانون الذي أقره الكونغرس الاميركي في 17 تشرين الثاني 2015 الرامي إلى حظر التمويل الدولي لحزب الله، وفرض تطبيق قانون العقوبات الأميركية على الأشخاص الذين يرتكبون أو يشاركون أو يتدخلون أو يساهمون في مخالفة الاحكام والقوانين، من خلال ما بات يعرف بلائحة الـ99 إسما التي ستغلق المصارف اللبنانية حساباتها.

وسبق لوزارة الخزانة الاميركية أن نشرت رسميا في سياق المراسيم التطبيقية لقانون مكافحة تمويل حزب الله، مع الإشارة الى أن هذه اللائحة قابلة للزيادة وهي ملزمة للمصارف، وهو ما اشار اليه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بقوله انها «تتحمل مسؤولية تطبيق هذا القانون. وفي حال عدم رغبتها في التطبيق ستواجه حال عدم وجود عمل لها مع الخارج». لكنه لفت الى انه سيطلب من المصارف التي ستقوم بإقفال حسابات او بعدم فتح حسابات «تبليغ لجنة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان بنيتها إقفال او قرارها بعدم فتح حسابات». وكان واضحا في قوله انه «في حال لاحظنا اي مبالغة في استطاعتنا التدخل».

بذلك تكون المصارف قد احترمت المراسيم التطبيقية لاحتوائها على آليات تحدد أسس تعاطي المصارف مع الزبائن، ويكون مصرف لبنان قد حدّد ضوابط في إطار ضيّق تمنع أي شطط في التطبيق.

ومن المقرر ان يزور لبنان مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون تمويل الإرهاب في مكتب شؤون الإرهاب والاستخبارات المالية في الوزارة دانيال غلازر، لوضع القيادات اللبنانية التي التقاها في منتصف آذار في بيروت، في أجواء القانون الأميركي.

يأتي هذا النهج الأميركي المستمر في التضييق على «حزب الله» وأصوله «رغم الاتفاق النووي الإيراني، أو ربما بسببه»، على ما يلاحظ تقرير عُرِض في جلسة خاصة للجنة الفرعية للشؤون الخارجية حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التابعة لمجلس النواب الأميركي.

ويشدد التقرير الذي حصلت «اللواء» على نسخة منه، على ان «سلطات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة تستهدف بشكل استباقي أنشطة حزب الله في كل أنحاء العالم. فعبر العمل بشكل وثيق مع وكالات إنفاذ القانون، لم تسرّع وزارة الخزانة الأميركية من وتيرة تسميات حزب الله وتصنيفه كمنظمة إرهابية فحسب، بل نقلت الصراع المالي إلى بيروت، حيث وضع الحزب أمواله حتى وقت قريب في المصارف مع إفلاته من العقاب. ومع تسلحها بـ«قانون منع التمويل الدولي عن حزب الله»، فإن الوكالات الأميركية مخولة حقاً بإحباط شبكة الحزب عند كل منعطف من خلال فرض عقوبات على المؤسسات المالية التي تتعامل معه أو محطة تلفزيون «المنار» التابعة له».

ويلفت الى انه في الوقت عينه «أطلقت وزارة الخارجية الأميركية، من خلال «صندوق الشراكة لمكافحة الإرهاب»، مبادرة دولية لرفع مستوى الوعي حول النطاق الواسع لأنشطة إيران وحزب الله(…)، وزيادة التعاون في مجال إنفاذ القانون والتنسيق بين مجموعة واسعة من الدول لمواجهة هذه الأنشطة. فقد شاركت الولايات المتحدة في «القيادة المشتركة لمجموعة تنسيق إنفاذ القانون» مع «وكالة تطبيق القانون الأوربية» (يوروبول) حول أنشطة حزب الله غير المشروعة، وعُقدت ورشات عمل إقليمية لبناء القدرات في أميركا الجنوبية وأوروبا الشرقية وغرب أفريقيا وجنوب شرق آسيا، ركزت كلها على تحسين قدرة الدول المحلية على كشف الأنشطة الإرهابية والإجرامية للحزب في مناطقها وملاحقتها».

ويرى التقرير ان «واشنطن لا تزال تعتبر أن الحزب يشكل تهديداً كبيراً للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط وفي الدول المجاورة للولايات المتحدة أيضاً، كما تشير الأحداث في أوروبا وأميركا الجنوبية».

ويشير الى إيران هي الممول الرئيسي لحزب الله، «إذ تقدم له نحو 200 مليون دولار سنوياً، إضافة إلى الأسلحة والتدريب والاستخبارات ومساعدة لوجستية. لكن على مدى 18 شهراً قبل التوقيع على الاتفاق النووي، خفضت إيران دعمها المالي للحزب، وهي فائدة جانبية لنظام العقوبات الدولية الذي لم يسبق له مثيل ويستهدف البرنامج النووي الإيراني، فضلاً عن انخفاض أسعار النفط».

ويوضح ان هذا التخفيض «أدى في الغالب إلى الحد من معظم الأنشطة السياسية والاجتماعية والعسكرية لحزب الله في الداخل اللبناني. إذ توجب على مؤسساته التي تقدم الخدمات الاجتماعية خفض التكاليف، كما تلقى الموظفون رواتبهم في وقت متأخر أو سُرحوا من عملهم. وانخفض تمويل المنظمات المدنية، مثل المحطة التلفزيونية الفضائية، «المنار»، التابعة للحزب. لكن على النقيض من ذلك، لم تبرز أي علامات تشير إلى أن قيادة حزب الله في سوريا، التي كانت تمثل أولوية بالنسبة إلى طهران نظراً إلى التزامها الدفاع عن نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد، تعاني أي ضائقة مالية».

ويرجّح التقرير أن «تستفيد العمليات الإقليمية والدولية لحزب الله أيضاً من زيادة الإنفاق الإيراني في أعقاب الاتفاق مع إيران. فلم تعد أنشطة الحزب تقتصر على التنافس على السلطة السياسية في لبنان ومحاربة إسرائيل. فمع حصول الحزب على المزيد من المال، من المتوقع أن يكثف مساعداته للميليشيات الشيعية في العراق واليمن بالتعاون مع إيران، ويرسل أعدادا صغيرة من المقاتلين المدربين ذوي المهارات لدعم القوات المحلية، وفي بعض الحالات، المحاربة معهم».

ويشير الى ان الحزب «يدرب في العراق الميليشيات الشيعية والمشاركة معها في القتال، ومن المرجح أن تتوسع هذه العمليات. وعلى الرغم من أنها تقاتل نيابة عن الحكومة، إلا أن تكتيكاتها تفاقم التوترات الطائفية. أما في اليمن، فبصمة حزب الله صغيرة، لكن يمكن أن تتوسع من خلال موارد إضافية. ويحاول الحزب بالفعل إيجاد دعم طويل الأجل لهذه العمليات، مثل الاستثمارات في مؤسسات الواجهة التجارية في العراق».

ويعتبر التقرير أن «زيادة التمويل يمكن أن تساعد حزب الله على إعادة تشكيل قدراته خارج نطاق الشرق الأوسط أيضاً. فالحزب أكثر انشغالاً من أي وقت مضى، وخصوصا في سوريا، حيث يشارك في عمليات مسلحة وأنشطة دعم مكلفة. في الوقت نفسه، وسّع الحزب أنشطته الإقليمية أبعد من ذلك، وأنهك خزينته حيث كان عليه أن يقلّص أنشطته في لبنان. ومن المتوقع أن يعمل بقوة أكبر في الداخل والخارج، ويشكل تحدياً للأحزاب الأقل تسلحاً عبر الطيف السياسي اللبناني ويعزز أنشطته المزعزعة للاستقرار خارج لبنان. وفي الوقت الذي قد لا ترغب فيه إيران أن يُشاهدها العالم تنخرط مباشرة في الأنشطة التي يمكن أن تقوض الاتفاق النووي، يزيد احتمال اعتمادها بصورة أكبر على الأنشطة التي يمكن إنكارها بشكل معقول من حزب الله».