IMLebanon

واشنطن تزكّي جوزاف عون ووصوله رهن تسوية

 

في مناسبة اجتماعية كان لافتاً ارتفاع مستوى دفاع السفيرة الأميركية دوروثي شيا عن قائد الجيش العماد جوزاف عون. الموضوع ليس جديداً ولا تهمة، بل يؤشر إلى أنه المرشح الذي تزكّي واشنطن انتخابه، من دون أن يعني أنّها تسلّم بأي مرشح يصل، لأنّه حكماً لن يكون خارج نادي مؤيّديها. أكثر من أي وقت، يتقدم اسم جوزاف عون في التداول، ليس من جهة موفدي الولايات المتحدة وسفيرتها في لبنان فحسب، بل هو حاضر في نقاشات اللجنة الخماسية. وحدها فرنسا تعتبر أنّ حظوظه يقررها «حزب الله» وأنّ انتخابه لن يتأمن من خارج الاتفاق معه.

 

وثمة معلومات تشير إلى أنّ واشنطن تضغط على حلفائها لانتخاب جوزاف عون ما دفع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل للقول لهم في خطابه الأخير «اذا بدكم ترضخوا للغرب على القليلة خدوا منو بالمقابل عودة النازحين ورفع الحصار عن لبنان».

 

عقبتان تعترضان وصول الجنرال إلى رئاسة الجمهورية: «الفيتو» الذي يرفعه «حزب الله» و»الفيتو» الذي يسجّله «التيار الوطني الحر». فـ»التيار» الذي وافق على التحاور مع «حزب الله» على سليمان فرنجية بتبرير أنّ البرنامج أهم من الشخص، لا يرى أنّ مقولة كهذه تسري على ترشيح قائد الجيش، لأنّ ترشيحه لا تسري عليه مواصفات البرنامج أو الإصلاح أو تطوير النظام. ويعتبر أنّ قبول «حزب الله» بقائد الجيش يعني وجوده خارج المعادلة. ولن يهضم «التيار» فكرة وصول جوزاف عون كرئيس للجمهورية يسمّي بنفسه قائد الجيش المقبل مع بقية التعيينات في المراكز القيادية الحساسة. مسيحياً يمكن لوصوله أن يسحب من رصيد باسيل في «التيار» أعداداً كبيرة من المنتسبين والمتعاطفين من قدامى المؤسسة العسكرية.

 

أمّا بالنسبة الى موقف الثنائي الشيعي فمن السابق لأوانه التنبؤ. العلاقة بينهما جيدة على المستوى الشخصي ومقدّرة على مستوى قيادة المؤسسة العسكرية، لكن قد تختلف الحسابات متى بلغ البحث في الشأن الرئاسي. سبق لـ»حزب الله» أن أكد لباسيل أنّ جوزاف عون لا يدخل في حساباته الرئاسية، وحين توسّعت بقعة الاشاعات حول اجتماع رعد مع قائد الجيش، قصد نائب «حزب الله» المرشح سليمان فرنجية ليطمئنه إلى أنّ كل التحليلات التي تتحدث عن انتفاء حظوظه لا تعني «حزب الله» ولا تمت له بصلة، فهو سبق وأبلغ الموفد الرئاسي الفرنسي أنّ جلسة الانتخاب الأخيرة شكلت البداية لفرنجية من 51 صوتاً، وهي نسبة يمكن لها أن تزيد على عكس ما يتصور البعض.

 

وسواء وافقت «الخماسية» وزكّت انتخابه، أو لم تفعل، فإنّ شرط انتخاب جوزاف عون يكمن في تسوية اقليمية شروطها لا تزال معقّدة للغاية ولم تنضج بعد، ولذا فإنّ «حزب الله» لا يزال يؤكد لمراجعيه أنّ خياره الأول والثاني والثالث هو فرنجية، وقد أكد له هذا الأمر وأبلغه أنّ حظوظ انتخابه لا تزال متوافرة، ويعوّل في هذا الشأن على حواره مع «التيار الوطني الحر»، وعينه ضمناً على المفاوضات الإيرانية – السعودية وتطوراتها، التي كان آخرها وصول الحوثيين إلى السعودية للبحث في الحل في اليمن. حتى قائد الجيش نفسه يعتبر أنّ حظوظه الرئاسية تفرضها تسوية يشكل «حزب الله» جزءاً منها.

 

واذا كان الحوار يشكّل معبراً للرئاسة حسب انطباع الفرنسيين، فإنّ هذا الحوار سيكون سبباً للخلاف على رئاسته، حيث يشترط الموارنة حواراً بين متساوين من دون رئيس ومرؤوس. ويريده رئيس مجلس النواب نبيه بري برئاسته ويدعو إليه أوائل تشرين ومن بعدها جلسات انتخاب متتالية. فمن يضمن نضوج حوار في غضون أيام والخروج منه باتفاق؟

 

نتحدث هنا عن مسافة «تشرينيْن» بلا رئيس تكون خلالهما ولاية قائد الجيش قد شارفت على نهايتها فيطمئن قلب خصومه، على اعتبار أنّ نهاية ولايته تعني عودته كقائد جيش سابق إلى منزله وانتفاء حظوظه الرئاسية بينما يقول آخرون إنّ نهاية ولايته لا تنفي أصرار مؤيديه عليه، بدليل التداول باسم جورج خوري مدير المخابرات السابق.

 

هي بورصة مرشحين تتمحور حالياً على ثلاثة أسماء. قال لودريان إنّ حظوظ اثنين منهم سقطت نهائياً، لكن فرنسا ليست مقرراً هنا، ومثلها ستكون قطر، ووصول موفدها وترشيحه قائد الجيش مجرد تفصيل. حتى قرارات اللجنة الخماسية وبيانها المنتظر الذي سيرتدي طابعاً حاداً يبقى بلا جدوى ما لم تدخل طهران مقرراً من جملة مقررين.

 

بينما نتلهى في الأسماء تُصنع السياسات بين الدول وتُنسج الإتفاقات ونبقى نحن على الهامش نتلهى بالحظوظ وبتقدم اسم على آخر، وعيننا على خارج لم يدرجنا في جدول أولوياته بعد… والتداول باسم قائد الجيش حمّال أوجه. قد يكون ترشيحه قائماً بلا شك، لكن تداوله بالشكل الحاصل يعرّض اسمه لـ»الحرق» لصالح خيار ثالث من خارج كل الأسماء المتداولة.