المسألة الوحيدة المحسومة في السياسة الخارجية الأميركية حيال المنطقة، هي العمل للحد من دور إيران الإقليمي. لذلك بدأت في الكونغرس، تطرح مشاريع عقوبات إضافية على إيران، بحسب مصادر ديبلوماسية،
كما أن قمة الرياض جاءت في هذا الإطار، وإن تبعتها الأزمة العربية، لكن الإدارة الأميركية استطاعت «دوزنة» مصالحها الخليجية من جهة، وإعطاء الغطاء الأميركي لأية مساعي لإصلاح العلاقات، من جهة ثانية.
وهناك ترقب أيضاً للسياسة الأميركية في كل من سوريا والعراق، وعلاقة ذلك بالسياسة تجاه إيران، ويبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ثابت في هذا التوجه، ولم يغيره. ففي اليمن ساعد التوجه العربي في وجه التوجه الإيراني، منذ أن تسلم الحكم.
وتقول المصادر، إن بوادر بدأت تظهر من خلال الوضع السوري، إذ تحاول الإدارة الأميركية الفصل بين إيران وروسيا، وهي نقطة محورية، أي مد خطوط تواصل وطيدة مع روسيا لعزل إيران، من أجل تحجيمها وتقليص دورها في المنطقة. كذلك يبدو أن كل شيء سيكون وارداً في التعاطي في الملف السوري على هذه الخلفية، من العمليات العسكرية إلى الضربات المحدودة في سوريا، ثم وصولاً إلى تشديد العقوبات على إيران، والمواجهة مع «حزب الله». وليس هناك من أسلوب مضمون في التشدد قد يعتمد في هذه الناحية.
ومن يراقب المسؤولين في إدارة ترامب والأساسيين في السياسة الخارجية من مستشار الأمن القومي ماك ماستر، ووزير الدفاع جيمس ماتيس خصوصاً اللذين كانا مسؤولين كبيرين في العراق أثناء الوجود العسكري الأميركي هناك، يدرك مدى خبرتهما في التكتيك مع إيران والقدرة على التعامل معها من خلال معرفتهما بنقاط الضعف الإيرانية. ويمكن بالتالي، تقدير أنماط التفكير لديهما. كذلك نائب الرئيس الأميركي مايك بينس، والثلاثة من الصقور في الإدارة ولديهم تجارب سابقة مع إيران، ولا يستبعد أن يتخذوا قرارات حولها، بناء على تجاربهم السابقة معها.
أما بالنسبة إلى الإتفاق النووي الموقع بين إيران ومجموعة الدول ٥+١ ومن بينها الولايات المتحدة، فإن الإدارة عدلت عن إعادة النظر بتوقيعها، لأنها أدركت أن الأمر ليس سهلاً، ولكن بحسب المصادر، من دون شك أن ما سيحصل هو التشدد في تطبيقه، والتشدد في فرض عقوبات أخرى على إيران في مجال الإرهاب وحقوق الإنسان. ولن تخرج واشنطن من الإتفاق، لأنها ليست الوحيدة المشاركة في العمل به، وجرى التفاوض على مدى سنوات، وبات الخروج منه أصعب.
في هذه الأثناء، لا تتوقع المصادر، إنكفاء ايرانياً، بل ستعتمد طهران التشدد، وإن كان يرتقب أن يتمثل ذلك عبر اتباعها أسلوبين: أسلوب يومي بالمرونة الظاهرية، وأسلوب واقعي أكثر تشدداً في مختلف المسائل. والمرجح، حصول تصعيد في المرحلة المقبلة، لا سيما في ظل تراجع إحتمالات أن تتفاهم الولايات المتحدة مع إيران.
وبالتالي، تؤكد المصادر أن التقارب الأميركي مع روسيا سيستمر ويتعزز، ولا تستبعد أن تؤدي روسيا دوراً ما في العلاقة الأميركية – الإيرانية، ما قد يؤدي إلى إستنباط حلول وسط.
حتى الآن يبدو أن إيران و«حزب الله» منزعجان جداً من الإتفاق الأميركي – الروسي في ما خص الجنوب السوري، ومناطق أخرى في سوريا يجري الإعداد للتفاهم حولها. وإذا تطور الإتفاق، فسيكون للأطراف الدولية والإقليمية الأخرى في سوريا أدواراً غير أساسية بما فيها إيران. وسيرضخون لأية سياسة جديدة تتبع حول سوريا في مرحلة لاحقة.