جاءت زيارة مساعد وزير الخزانة الاميركية لشؤون مكافحة تمويل الارهاب مارشال مبلتغسلي لبيروت بعد جملة اجراءات وعقوبات اتخذتها الادارة ضد «حزب الله»، آخرها تشكيل وحدة في وزارة العدل للتحقيق في ما تسميه نشاطات الحزب في الحصول على تمويل من الاتجار بالمخدارات لغايات الارهاب.
وتقول مصادر ديبلوماسية، ان المسؤول الاميركي هدف من زيارته مراقبة تنفيذ لبنان والقطاع المصرفي للعقوبات، وامتثال القطاع للقوانين الاميركية والدولية.
ولدى الاميركيين متابعة دقيقة للموضوع، اذ لا تعتبر واشنطن الامر امنياً او سياسياً فحسب، انما ايضاً، يكمن في ان وجود تنظيم مسلح في لبنان شريك في الحكومة والبرلمان متهم بهذه الاعمال من جانب الولايات المتحدة. وزيارة المسؤول الاميركي، تثبت المسار الذي تتمسك به واشنطن بالنسبة الى سياستها تجاه الحزب وتجاه ايران من ورائه. كما يأتي التحرك الاميركي للادارة الحالية، رداً على الانتقادات التي وجهت داخلياً للادارة السابقة هناك، والتي تغاضت عن ملاحقة شبكات «حزب الله» في العالم، من اجل التوصل الى التوقيع على الاتفاق النووي مع ايران. ويدخل التحرك في اطار تصعيد الضغوط لتوقف تنامي نفوذ ايران في الشرق الاوسط. والقدرات العسكرية للحزب مع الاشارة الى ان ملاحقة هذه الشبكات كانت موضوع تحقيق بموجب «مشروع كاساندرا» السابق.
وما لا تستسيغه واشنطن هو ان الحزب الذي لديه “الدور السياسي الميليشيوي” بحسب المصادر، شريك في ادارة البلد في ظل الاتهامات الاميركية الموجهة اليه. ولديها تساؤلات حول ان الحزب الذي يدعي بأنه يحارب التكفيريين “هو نفسه متورط في المخدرات والارهاب”. وبالتالي، ان الزيارة جاءت في اطار “الضغوط القانونية والمعنوية والسياسية على الدولة لتذكيرها ان شريكها في السلطة خارج القانون الدولي وهو متهم”.
وتفيد المصادر بأن الولايات المتحدة استطاعت ادراج اسماء من «حزب الله» او غيره على لوائح الارهاب، نتيجة المراقبة الدقيقة للتعاملات التي تحصل بين الدول، لا سيما بين اميركا اللاتينية وافريقيا. وبالنسبة الى واشنطن، فان ما قامت به وزارة العدل، هو مراقبة المعاملات المالية المرتبطة غالباً بالمخدرات، حيث هناك العديد من الشبكات المتخصصة في هذا المجال. ما يعني انه قبل تشكيل اللجنة المولجة بالتحقيق في انشطة «حزب الله»، في هذه الوزارة، فان التحقيقات الفعلية الاميركية، والاستقصاءات ومتابعة حركة التحويلات المصرفية، كانت نشيطة ومركزة.
ولا تستبعد المصادر، ان تضع الولايات المتحدة لوائح جديدة تطال هذا الموضوع، وهي تأتي في اطار سياسة التشدد حيال الحزب وحيال الراعي الاقليمي له، اي ايران. وتأتي ايضاً بالتزامن مع موقف الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاخير حول ضرورة تعديل الاتفاق النووي بما يضمن عدم قدرة ايران على امتلاك القنبلة النووية نهائياً، وليس فقط لمدة عشر سنوات كما ينص عليه هذا الاتفاق. وهو سيقود محادثات مع الاوروبيين حول هذا الهدف.
وتشير المصادر، الى ان الولايات المتحدة لديها لوائح متنوعة حول الارهاب والمخدرات، وحقوق الانسان، والاتجار بالبشر، والارهاب المتصل بالوضع السوري وغيرها وهي تفرض عقوبات في كل هذه المجالات وتضع اسماء افراد وشركات تعتبرها متورطة. وعلى الرغم من ان اللوائح اميركية، الا ان كل العالم يتأثر بها، لان من يتعامل مع المتورطين، يخضع للعقوبات نفسها من جانب الولايات المتحدة.
مصادر ديبلوماسية اخرى، تقول ان اي تحقيق اميركي مباشر في لبنان من وزارة العدل الاميركية لم يحصل، لكنه اذا حصل يبدو غريباً، لانه يجب ان تكون هناك ممارسة سيادية والا كل شيء بات مستباحاً ويجب ان تكون هناك اطر ما لاي تعاون، فهناك التعاون القضائي مثلا، ويتخلله ارسال مذكرات حول اسماء محددة، وهناك التعاون الامني، وهذا بالتحديد سيجعل الحزب قلقاً من مثل هذا التعاون، الا اذا حمل الاميركيون اسماء معينة. كما يمكن ان يتم التحقيق ضمن اطار الامم المتحدة والاتفاقيات المالية الدولية التي ترعى العمل ضد كل الجرائم المعروفة، والتحويلات المالية التي تخصص لها. فهناك لجنة مكافحة الجريمة المنظمة والمخدرات في الامم المتحدة. ثم هناك التعاون عبر الانتربول الدولي.
وتؤكد المصادر، ان كل ما تقوم به واشنطن هو وسيلة ضغط اضافية على «حزب الله» وعلى ايران في الوقت نفسه. لانها تعتبر انه من ضمن الموقف الاستراتيجي من ايران يجب ملاحقة اتباعها في المنطقة، انما ليس سهلاً ارسال وفد الى الدول ومن بينها لبنان للتحقيق في انشطة الحزب.
وافادت مصادر ديبلوماسية، ان مجيء اي لجنة الى بيروت في حال حصوله ستسمع ان الحزب اعلن بذاته انه لا يستعمل المصارف في حركة امواله، وليس لديه تحويلات عبرها والحزب لا يتعاطى مع المصارف. وفي الوقت نفسه فان القطاع المصرفي يلتزم بالقوانين الدولية.