IMLebanon

قمة واشنطن: انتخابات رئاسية دون تعديل دستوري

اذا كان الشارع سيد الكلام والاقتراع في بيروت، في حفلات التفاوض والحوار الجارية «عالحامي» الممتد من ساحات رياض الصلح والشهداء، ومن ساحة النجمة الى عين التينة، مشكّلة العنوان العريض الساخن للنشاط الداخلي منذ اليوم، وسط تفاقم العقد في الداخل واختلاط حابل المطلبي بنابل السياسي، كانت واشنطن تشهد على اتفاق اميركي- سعودي على «البارد»، عنوانه «الأهمية القصوى المتمثلة بانتخاب مجلس النواب رئيسا جديدا للجمهورية استنادا الى احكام الدستور المعمول به في لبنان»، في رد غير مباشر، سريع وحاسم بحسب مصادر في 14 آذار، على الاجندات المختلفة الاولويات لحل الازمة، من جهة، ورفضا للعبث بالقواعد الدستورية الحالية لان الوقت غير مناسب لمثل ذلك، من جهة ثانية، ما يعيد خلط كل الاوراق والاسماء، ناسفا الكثير مما قيل حول الدعم الاميركي للحراك المدني اللبناني وتجييره خدمة لمعركة اشخاص معينين في معركتهم للوصول الى بعبدا.

فرغم ان البيان الأميركي – السعودي لاقى اندفاعة دولية في اتجاه -الانتخابات الرئاسية أولاً- تجلّت في موقفيْ مجلس الامن والاتحاد الاوروبي، فإن عدم وضوح في الرؤية خيّم على بيروت تقول المصادر، لجهة تحديد مفاعيل القمة الناجحة بين اوباما والملك سلمان على الملفات الساخنة في المنطقة ومعرفة خفايا مناقشات البيت الأبيض في ما خص طبيعة الضمانات والتطمينات التي تلقّتها الرياض من واشطن حيال سلوك طهران ما بعد النووي، حيث تلفت المصادر على كواليس التحضيرات التي رافقت قمة واشنطن إلى ان ما صدر عنها من مواقف ستتظهر مفاعيله على طاولة حوار رئيس مجلس النواب، خاصة بعدما تجرع فريق الرابع عشر من آذار جرعة دعم معنوي، اعادت جزءا من التوازن الداخلي، تجلت في قرار اتفاق اركان التحالف المجتمعين في بيت الوسط على أن يقتصر حوار التاسع من أيلول حصرا على موضوع انتخاب رئيس الجمهورية، يدعمها في توجهها هذا ما تمخضت عنه زيارة سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إلى السراي لجهة تثبيت الاجماع الدولي على دعم الحكومة السلامية دون تردد، تأكيدا على التمسك باستقرار لبنان بمعزل عن الحراكات القائمة في الشارع، خصوصا ان السفراء الأوروبيين يرون ضرورة الفصل بين الحراك المدني المشروع وبين أي مطلب سياسي.

وأوضحت المصادر في 14 آذار، الى أن الجانب السعودي سمع كلاما واضحا حول ثبات النظرة الاميركية إلى حزب الله، الذي يجب ان يلتزم عدم التدخّل في النزاع السوري، مصرة على تصنيفه بالارهابي، ما يجعله غير مؤهل للانخراط في الجهود الدولية لمحاربة الارهاب ، لافتة إلى أنّه من غير المناسب ربط ما يحصل في بيروت وبغداد من حراك شعبي من أجل الإصلاح، ففي لبنان ما يحصل هو أمور متصلة بقضايا لبنانية تضيف المصادر نفسها، وهو ما عبر عنه السفير الأميركي دايفيد هيل، كاشفة ان الإتفاق النووي لا يعدو كونه عملية تقنية يجب التأكد من التزام إيران به، اما سياسيّاً فلا أوهام حول دور طهران في المنطقة والخليج، والذي لدى الولايات المتحدة وسائل مواجهتها في حال ابقت الجمهورية الاسلامية على ممارساتها.

من جهتها رأت المصادر في 14 آذار ان تأكيد العاهل السعودي على التعاون مع الولايات المتحدة لتحقيق الاستقرار، انما جاء ليعطي مؤشرات على ان زيارته الاستثنائية الحالية لواشنطن اثمرت عن نتائج إيجابية بعد لقاء الرئيس اوباما، ما يشكّل نقلة نوعية في القضايا والأزمات والملفات العالقة او التي تتطلب تحريكا مختلفا من اجل وضع حلول تصبّ في مصلحة شعوب المنطقة، وهذا يبدو واضحا في تصريحات البيت الابيض حول القلق من الوضع في اليمن، التعاون لمواجهة الإرهاب، وكذلك التعاون في ما يخص الأزمة السورية، مشيرة الى ان تقريب وجهات النظر بين الطرفين بات ملحا في ضوء التطورات الدراماتيكية لكافة ملفات المنطقة، اذ ان ما تراه واشنطن عن بعد، تلمسه الرياض عن قرب، معتبرة ان رسالة السعودية الأهم من الزيارة هي ان الوضع حرج جداً، ولا مجال للتراخي في اي ازمة، والعمل الجدّي يجب ان يبدأ اليوم قبل الغد، ولا بد ان يعود الاستقرار إلى دول المنطقة، لتأسيس مرحلة مختلفة.

في احدى ابرز الدلالات التي رافقت انعقاد القمة، تضيف المصادر ان الرئيس الأميركي باراك أوباما كسر البروتوكول وقام باستقبال العاهل السعودي أمام بوابة الجناح الغربي في البيت الأبيض في تصرف عد نادراً، اذ يقتضي البروتوكول الرئاسي في البيت الأبيض أن يستقبل الرئيس ضيوفه من زعماء ومسؤولين في المكتب البيضاوي، حيث يقوم بالترحيب بهم ومن ثم تبادل الكلمات بين الرئيس وضيفه قبل عقد اللقاء المشترك، وهو ما لفت انتباه وسائل الإعلام الأميركية والصحافيين الذين علقوا عليه، معتبرين انه يحمل رسائل سياسية تؤكد على أهمية الزيارة من جهة، ومن أخرى، على تاريخية واستراتيجية العلاقة التي تجمع البلدين سياسيا واقتصاديا وثقافيا.