أهمية قمة واشنطن بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس باراك أوباما، انها تتعامل مع ملفات الحاضر لصياغة المستقبل. هذه المهمة ليست سهلة ولا هي مضمونة، لان كل الملفات المطروحة من «نار وبارود». ما يبعث على التفاؤل، أن الاثنين اي العاهل السعودي والرئيس الاميركي «يحتاجان لبعضهما البعض رغم الخلافات».
السعودية ومعها دول الخليج، تريد من واشنطن تحديد «خريطة مساراتها في المنطقة بعد الاتفاق النووي ونمو الحالة الداعشية وانسداد أفق الحلول». «كلمة» الولايات المتحدة الاميركية معلّقة في الاتفاق النووي على موافقة الكونغرس وهي مهمة ليست سهلة لأن موافقة كل نائب في الكونغرس مثل عملية «غرس الضرس«. ليس بسيطاً ان يكون توقيع الرئيس على اتفاق بحجم الاتفاق النووي يتطلب معارك يومية طوال اسابيع. إعلان العاهل السعودي في نهاية القمة تفهّمه لموقف الرئيس الاميركي يعطيه قوة دفع ضخمة امام الكونغرس.
لا شك أن الرياض تريد من واشنطن تحديد أولوياتها بكل ما يتعلّق باليمن وسوريا. حتى الآن «عاصفة الحزم» تتقدم باتجاه صنعاء وهذا مهم جداً. السؤال الآن ما هو موقف واشنطن عند دخول قوات التحالف إلى صنعاء؟ كيف ستصرف مع تحالف الحوثيين صالح إذا رفضوا كل شيء وتابعوا الحرب؟ في سوريا، ما العمل امام الطروحات المتكاثرة للحل السياسي الذي لا يبدو اي حل مؤهل للنجاح؟ من ذلك ان المبادرة الايرانية تطالب بإعلان وقف فوري لإطلاق النار. كيف يمكن ذلك بوجود «داعش»؟ الأهم لقد تم جعل خروج الأسد والحرب ضد داعش مثل أيهما قبل الأخرى: البيضة أم الدجاجة؟ ما يؤكد الاهمية الكبرى لقمة واشنطن هذا التصعيد المفاجئ للمرشد آية الله علي خامنئي في وجه واشنطن. هذا التصعيد لا يمكن قراءته من خلال «منظار» الاتفاق النووي رغم ان الكلام يدور حوله. المرشد قلق من تقديم الرئيس اوباما اي تعهدات للعاهل السعودي حول سوريا واليمن. ما يؤشر الى ذلك، ان المرشد الذي صعّد ضد واشنطن، في وقت يتم محو شعار «الموت لاميركا» عن جدار السفارة الاميركية في طهران، ترك كما يبدو لرئيس مجلس الشورى علي لاريجاني من نيويورك «تهدئة» الموقف من السعودية إذ يبدو انه سرّب الى الصحافة بأن «السعوديين مثل اخوتنا، ولا نرى سبباً لوجود أي عداء بيننا.. ونحن لا نريد بناء أمبراطورية جديدة». في الواقع ايران مأزومة ومزعوجة من تقدم قوات التحالف نحو صنعاء. انهيار الحوثيين وصالح يعني نهاية الحلم الايراني في الامساك باليمن ومن ثم اريتريا وباب المندب، وفرض نفسها على القرار الافريقي عبر اثيوبيا «الامبرطورية السوداء الصاعدة». طهران تريد حل المشكلة اليمنية فوراً وقبل وصول قوات التحالف الى صنعاء، ليكون حضورها له وزنه. طبعاً هذا لا يمنعها من توجيه «رسائل» أخرى بأن الحل في سوريا في بقاء الاسد وتطييف («من الطائف») النظام السوري وأنها وحدها قادرة على تهدئة الحوثيين حتى لا يشنوا حرب عصابات ضد النظام الجديد والتحالف، مما ينتج حرباً استنزافية خطيرة.
يبقى انه رغم اهتمام الامم المتحدة بلبنان لا يبدو أنه بين الاولويات، لذا ما لم يستيقظ اللبنانيون من تعقيدات مواقفهم ومطالبهم، فلا أحد يضمن خروج لبنان من الفراغ. لدى الكبار «سلة» من الملفات تكفي لتأجيل حل الخلاف حول لبنان بسرعة.