التوتر بين الغرب وايران عاد الى الواجهة مجدداً ليس فقط على خلفية الحدّ من النفوذ الايراني في دول الشرق الاوسط، انما ايضاً على خلفية الصواريخ البالستية التي تمتلكها ايران.
في الاساس بدأ الاميركيون بالحديث عن الصواريخ البالستية الايرانية كون ذلك مخالف للقرارات الصادرة عن مجلس الامن حول ايران. وعندما جرى بحث بالصواريخ وضرورة ادراج الموضوع على البحث في اطار النووي، رفض الايرانيون ان يتضمن الاتفاق هذه المسألة. لكن الغرب وافق على الموقف الايراني على اساس ان المسألة موجودة في القرارات الدولية. وايران قالت ان الامر لا علاقة له بالتفاوض حول النووي. والغرب لا يزال يقلق من الصواريخ لانها يمكن ان تحمل رؤوساً نووية. واذا ليس هناك من نية لايران حسب الاتفاق، لانشاء القنبلة الذرية فلماذا تحتاج الى الصواريخ؟
استعمال الصواريخ البالستية مخالفة واضحة للقرارات الدولية. واذا كان هناك من رغبة بعدم المس بالاتفاق النووي، فالتوجه الدولي هو لمحاسبة ايران انطلاقاً من قرارات مجلس الامن، والمحاسبة قد تصل الى ضربة عسكرية اذا توافرت العناصر المطلوبة دولياً والظروف لذلك.
كل الوقائع التي حصلت في المنطقة ادت الى تعزيز نفوذ ايران، ان في افغانستان، او العراق، او لبنان او سوريا. كما ان نتائج تطبيق الاتفاق النووي ادت الى تعزيز نفوذها، لا سيما بالنسبة الى تحرير اموالها التي كانت مجمّدة، فضلاً عن انه ادى الى تحسين اقتصادها، وصادراتها خصوصاً، واستقطاب الشركات والاستثمارات الاجنبية.
كل ذلك حصل في وقت لم تغير ايران من اسلوبها في المنطقة، ولا من استراتيجيتها. والبحث معها قبل النووي في ملفات المنطقة لم يحظَ بقبول. وعلى الرغم من ذلك سُجل تراخٍ حيال سلوكها في هذه الملفات من الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما، بحجة ان الضغط عليها في ذلك قد يعرقل التوصل الى الاتفاق النووي، الذي كان يهم الولايات المتحدة التوصل اليه اولاً، على ان يتم في وقت لاحق البحث بنفوذها في المنطقة وسلوكها والحد منهما. اذ ان منعها من امتلاك القنبلة الذرية اهم من بحث نفوذها. مع الاشارة الى ان الادارة الاميركية الحالية، وضعت مسألة الحد من النفوذ الايراني اولوية مضافة الى اولوية مكافحة تنظيم «داعش». وبناء على هذه الاولوية تتحرك الدول الخليجية لوقف التدخلات الايرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية.
والادارة الاميركية الجديدة، تقول انه يجب ربط كل شيء في العلاقة مع ايران حالياً، بادائها في المنطقة، وليس فقط بتنفيذ الاتفاق النووي. نفوذ ايران توسع وتعمق وليس من السهل الحد منه، الا وفق خطة مدروسة تطال كل ملف. ايران لديها ميليشيات في المنطقة. ومن الصعب وضع حدود لها. من الصعب الدخول في معركة عسكرية مع هذه الميليشيات، ومن الصعب وقف حركتها المالية، لانها اعتادت على العقوبات. وبالتزامن مع هذه الصعاب، تقوم هذه الميليشيات بالعمل الدؤوب لاضعاف مؤسسات الدولة وسلطاتها، مثلما يحصل في لبنان واليمن والعراق، وفي سوريا حيث يتم انشاء الميليشيات.
الغرب جعل اولوياته برنامج ايران النووي. فوقع الاتفاق الذي يمتد لعشر سنوات، على ان تتوقف بعض الاحكام في غضون 25 سنة. الاتفاق ليس له علاقة بملفات المنطقة وهو منفصل عن كل شيء. لكن وجود الاتفاق بحسب المصادر لا يمنع معالجة بقية القضايا، بما في ذلك النفوذ الايراني. مع الاشارة الى ان اي توتر متعلق بتنفيذ الاتفاق، او اي انسحاب لأية دولة منه، سيزيد الوضع السياسي المتصل بنفوذ ايران توتراً في المنطقة.
الآليات القانونية متوافرة لمتابعة الحد من النفوذ الايراني ان كان عبر العقوبات التي اتخذت اخيراً على الحرس الثوري و«حزب الله»، او بالنسبة الى حقوق الانسان وصولاً الى العقوبات على الصواريخ وغير ذلك.
المشكلة الآن في التفاوض. الغرب مستعد للحوار، اما ايران فهي غير مستعدة. فهي تعتبر نفسها انها تحقق انتصارات عبر وجود الميليشيات. وبات الغرب مقتنعاً انه من دون إلحاق الهزيمة بها وبالميليشيات التابعة لها، لن تقبل بالجلوس الى طاولة التفاوض.. في سوريا، تكبدت ايران خسائر كبرى، ولم تذهب الى التفاوض.