بعد خطابه الذي حدد سياسة بلاده حيال إيران، رمى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الكرة في ملعب الكونغرس لناحية تحديد التعامل مع الإتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران.
ترامب لم يعتبر، وفقاً لمصادر ديبلوماسية غربية، أن إيران التزمت بالإتفاق، وهو لن يوقع على إعفاءات عن عقوبات أميركية كانت مفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي. كان سلفه الرئيس باراك اوباما يوقع إعفاءات في سباق مع موقف الكونغرس الذي كان يرفض ذلك، والذي كان متشدداً مع إيران، وكان هو فرضها عليها، الآن ترامب لم يوقع إعفاءات، لكن ذلك لا يعني أن الولايات المتحدة لم تعد ملتزمة بالإتفاق. فعلى الكونغرس التعامل مع موضوع الإتفاق والعقوبات، وبالتالي إن واشنطن لم تخرج فعلياً من الإتفاق.
ومن جراء تحركات إيران في مضيق هرمز ونفوذها في المنطقة، تم إدراج الحرس الثوري الإيراني على لائحة العقوبات، بالإضافة إلى عدد من الشركات التي تتعامل معه. الخليج دعم الموقف الأميركي، والإتحاد الأوروبي عبر عن تمسكه بالإتفاق النووي مع إيران.
ترامب لا يريد السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي، ويريد وضع حدود لبرنامجها للصواريخ البالستية. لكن كيف سيترجم كل ذلك على الأرض؟
بالعودة أولاً إلى العقوبات التي كانت الإدارة السابقة تبطلها بالتدرج نتيجة رغبتها في تشجيع إيران على المضي بالإلتزام بالنووي. الآن تم فرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني الذي يمول الميليشيات التابعة له في الشرق الأوسط والخليج العربي، مع الإشارة إلى أن حركته المالية لم تكن لتتم عبر المصارف، تماماً كما الإجراءات التي لجأ إليها «حزب الله» في عمليات تمويله.
لكن بحسب المصادر، الحرس الثوري ليس جيش إيران فقط، انما هو يمسك بيده الإقتصاد الإيراني، وهذا الأمر هو أحد أسباب قوته وهيمنته على جزء كبير من الإقتصاد، وعندما تقوم واشنطن بفرض عقوبات مالية عليه، يعني أنها تعمل لإضعاف إمكاناته الإقتصادية ضمن إيران حتى. فالشركات حالياً باتت تخاف من التعامل معه. وبالتالي، مع الوقت سيتم قطع امكانات التعاون دولياً له مع شركات عالمية، فهي تضعف إيران على المدى الطويل.
لذا سيكون هناك تأثير على امكاناته المالية وليس فقط على إمكاناته من توريد الأسلحة إلى حلفائه وتمويله لهم، مع أن توريد الأسلحة سيكون على المدى الطويل تحت ضغط العقوبات، لأن توريدها يحتاج إلى المال.
وعلى الرغم من أن العقوبات أميركية فقط، وليست صادرة عن مجلس الأمن، ولم يقم الإتحاد الأوروبي بإجراءات مماثلة لها، لكن سيتأثر تعامل كل مصرف أو شركة مع الحرس الثوري أكانت أوروبية أو أميركية أو أفريقية أو غير ذلك، لأنها ستعاقب وسيوقف الاميركيون الذين يسيطرون على النظام المالي والإقتصادي العالمي، التعامل معها وستتأثر فعلياً. وهي ستخاف من أن تدرج تحت لائحة العقوبات الأميركية، فضلاً عن أنها ستدفع غرامة بمليارات الدولارات.
لكن المصادر، تؤكد أن العقوبات على الحرس الثوري وحدها غير كافية لتغيير سلوك إيران، ومن أجل أن تلتزم فعلياً بالإتفاق النووي. وتبقى لدى إيران طرق، وهي اعتادت عليها لتجاوز العقوبات. وما يخفف من فاعليتها أن واشنطن وحدها هي التي اتخذتها وليست صادرة عن مجلس الأمن، كما أن الأوروبيين لم يتخذوا العقوبات نفسها. ففي عهد ترامب لا يمكن التكهن بما سيتبع العقوبات، وما إذا كانت التهديدات الإسرائلية للبنان ولـ «حزب الله» ولايران جزءاً مما يمكن أن تستكمل به الإدارة مواقفها ضد إيران.
إنما تلاحظ المصادر، أن العلاقة بين واشنطن، وموسكو التي تدعم النظام السوري وإيران في سوريا مختلفة عن التعامل الأميركي حيال إيران. فبالنسبة إلى واشنطن روسيا مسألة أخرى. ولو أن روسيا فقط في سوريا لكانت أيضاً مسألة أخرى. وبالنسبة إلى واشنطن إن روسيا تدعم الدور الإيراني في سوريا وفي المنطقة. انما مع الروس سيتم الحوار مع أن واشنطن تفرض عقوبات إقتصادية على روسيا على خلفية موضوع أوكرانيا، لكن ليس للولايات المتحدة الإستراتيجية نفسها في العلاقة مع روسيا، ومع إيران. وإن كانت تتقاطع في نقاط معينة، لكن الأمر يختلف لدى الاميركيين. واشنطن لم تضع بعد تصوراً للتعامل مع سوريا. إلا أن المصادر تؤكد أن السياسة الأميركية حيال سوريا ستنسجم مع الإستراتيجية المرسومة حول إيران. لكن كيف سيترجم ذلك على الأرض؟ الأميركيون راهنوا على الدور الروسي للتعاون من أجل إزالة النظام، ولم يكن رهانهم في مكانه. وتبيّن لاحقاً أن كل ما كان يريده الروس في سوريا يتطابق إلى حد كبير مع الهدف الإيراني فيها. تصوُّر إيران يكمن في تعديلات بسيطة على الدستور وحكومة وحدة وطنية تماماً كما يريد الروس.
اسئلة كثيرة مطروحة حيال السياسة المرتقبة تجاه سوريا، هل سينظم الاميركيون الوجود الإيراني في سوريا بالتعاون مع الروس، وكيف سيتم ذلك؟ وهل ستبقى سوريا موحدة أم سيتم تقسيمها، وما مصير «حزب الله» ودوره فيها؟