Site icon IMLebanon

مواقف واشنطن تفرض على المسؤولين استراتيجية موحدة

 

تؤكد اوساط سياسية بارزة اطلقت على بعض ما طرحه وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو خلال لقاءاته مع كبار المسؤولين في لبنان، وهي محاولة تحريض بعض الاطراف ضد حزب الله «ان الغاية الكبرى من وراء زيارة رئيس الديبلوماسية الاميركية الى لبنان استكمال تسويق ما تعمل له الادارة الاميركية على مستوى الشرق الاوسط وهو تمرير «صفقة القرن» التي ستطرحها ادارة دونالد ترامب بعد اسابيع ولا تتعدى الشهرين، بعد ان تكون توضحت نتائج الانتخابات في كيان العدو الاسرائيلي.

 

ومن خلال هذا الهدف الكبير الذي يعمل له البيت الابيض، تندرج حملة التحريض ومحاولة دفع بعض الاطراف اللبنانية للدخول في مخطط «جمع شمل» حلفاء الولايات المتحدة من أجل رفع مستوى التجييش بكل ما امكن من اجراءات ولو ادى ذلك الى اعادة الانقسام العمودي للبنان على غرار ما حصل بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وصولاً لاضعاف حزب الله، وهذا الرهان الاميركي يساهم في الحملة التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة لاضعاف ايران، وبما يمكن من تمرير صفقة القرن.

 

كما يدخل من ضمن المسعى الاميركي لتغيير استراتيجية الصراع في المنطقة وبما يؤسس لجعل كيان العدو الاسرائيلي «دولة» اكثر من صديقة لحلفاء واشنطن في الشرق الاوسط، محاولة بومبيو وقبله من الموفدين الذين اوفدهم الى لبنان الخضوع لما تشترطه تل ابيب حول المنطقة الاقتصادية الخالصة في المياه الاقليمية البحرية للبنان، وفي ممارسة الضغوط لمنع اي تواصل ليس فقط مع دمشق بل مع الدولة الروسية.

 

لذلك، فالسؤال الذي يطرح نفسه بعد لقاءات وزير الخارجية الاميركي مع كبار المسؤولين في لبنان، ماذا حمل معه بومبيو، وماذا انتجت؟

 

في معطيات الاوساط السياسية ان ما حمله بومبيو لم يفاجئ اكثرية المسؤولين الذين التقى بهم الوزير الاميركي، بل ان الجميع كان أعدّ بشكل كامل ومفصل لتوضيح ثوابت الموقف اللبناني في كل الامور التي كان يرجح ان يطرحها بومبيو، بدءا من الموقف الاميركي ضد حزب الله، وكل التوصيفات التي يسوقها العدو الاسرائيلي مع حلفائه في الادارة الاميركية الى مسألة الرفض للتنازل عن حقوق لبنان بثروته البحرية الى انتهاكات العدو المستمرة للقرار 1701، وصولاً الى مسألة النازحين السوريين والموقف الاميركي المعرقل لعودتهم، وانتهاء بالمسألة الفلسطينية.

 

في معطيات للاوساط المطلعة على اجواء اللقاءات مع الوزير الاميركي بشكل مفصل ان بومبيو لم يحمل معه امورا محددة، في كل المواضيع التي جرى بحثها، بل ان الهدف الواضح خرج به المسؤولون ان رئيس الديبلوماسية تستهدف بالدرجة الاولى دعم رئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو في الانتخابات الاسرائيلية وليس بعيداً عن ذلك، اعلان ترامب انه يحضر للاعتراف بسيادة الاحتلال على الجولان السوري، وبالتالي محاولة الاميركي تسليف نتانياهو لمواقف تدعم فوزه في الانتخابات الاسرائيلية، حتى يقدم بعض التنازلات الشكلية بما يتصل بالقضية الفلسطينية. بعد اعلان ادارة ترامب رسمياً عن صفقة القرن، لاعتقادها ان هذه التنازلات، ستمكن واشنطن من اقناع الدول العربية تبني بنود الصفقة.

 

وعلى هذا الاساس تشير الاوساط ان ما قاله بومبيو ليس جديدا، لكن المقصود من زيارة الاخير لبيروت ان يبلغ المسؤول الاميركي المسؤولين اللبنانيين مباشرة بموقف بلاده من حزب الله وايران والوضع في سوريا واستطراداً قضية النازحين، حيث لم يقدم الوزير الاميركي لكل المسؤولين اي مقترح فيه شيء من التجاوب بما خص الملفات التي طرحت امامه، من المنطقة الاقتصادية الخالصة في البلوك «رقم 9»، الى عودة النازحين، وما يؤكد ان زيارة بومبيو لبيروت – وفق الاوساط – هي صورة مستنسخة مما يطرحه قادة العدو الاسرائيلي جملة وقائع افضت اليها زيارة الوزير الاميركي وهي:

 

1- تعمّد بومبيو لقراءة بيان مطول، جرى اعداده مسبقا، استخدمت فيه كل توصيفات التحريض ضد حزب الله، على الرغم من ان ما قاله رئيس الديبلوماسية الاميركية امام كبار المسؤولين لم يكن بنفس الحدة، وانما اكتفى بالقول – حسب زعمه – ان ادارته تأمل مساعدة المسؤولين لوقف تنامي قوة حزب الله وما يمثله من تعطيل حسب زعمه – لاستقرار الوضع في لبنان والمنطقة، وما يمثله من «ذراع تخريبي» لما تقوم به ايران.

 

2- بدا واضحا ان بعض اللقاءات التي اجراها الوزير الاميركي مع بعض الاطراف التي تربطها علاقات جيدة مع واشنطن من جهة ولقاءاته مع بعض المعنيين بالملفات المالية اضافة الى ملف مؤتمر «سيدر» تظهر ان بومبيو استهدف من وراء ذلك التوترات السياسية على خلفية دفع بعض الاطراف للتجييش ضد حزب الله وكذلك ايصال رسائل تهديد بأن يصار الى مزيد من الحصار المالي ضد حزب الله، وان «تسييل» قروض «سيدر» مرهونة بتجاوب الحكومة اللبنانية مع الاملاءات الاميركية.

 

3- ان الغاية السريعة من كل الرسائل الاميركية دعم معركة رئيس وزراء العدو الاسرائىلي بنيامين نتانياهو في الانتخابات الاسرائىلية، خصوصا ان الاخير يواجه تهما بالفساد، وحتى قد يدخل السجن في حال خسارته انتخابات الكنيست الصهيوني وهذا الدعم الاميركي لنتانياهو وفق الاوساط تعبير عن مدى تطابق التوجهات المتطرفة بين البيت الابيض ونتانياهو، وهو ما يسهل تمرير صفقة القرن لاحقا مع العلم ان زيارة بومبيو تزامنت مع اعلان الرئيس الاميركي عن الاقرار بما يزعمه ترامب «سيادة الاحتلال الاسرائيلي» على هضبة الجولان السورية.