في ظل جمود سياسي في الداخل، وعلى الخط الرئاسي تحديدا، يتصاعد جبل الاضطراب الأمني ليتسيّد مشهده صدارة ساحة الاحداث بقوة، من الجنوب وصولا الى الداخل، وبالعكس. في وقت تعجز فيه السلطات المعنية عن سد الثُغر او احداث خرق، يقي البلاد والعباد من مخاطر ما تحمله الايام المقبلة معها، بعدما تقاطعت مصالح “الاعداء”، لتترجم مزيدا من التأزيم والتعقيدات.
مصادر سياسية على تواصل مع الادارة الاميركية كشفت ، ان الوسيط الاميركي اموش هوكشتاين لن يزور لبنان، وان الملعب متروك اليوم جنوبا للتمريرات بين الفرنسيين، الذين ابتعدوا خطوات عن حزب الله والبريطانيين، حيث عدم الارتياح “الاسرائيلي” لدورهم واضح، كل ذلك من اجل تمرير الوقت واعداد الارضية للحظة التسوية الاميركية الجاهزة بخرائطها وحلولها، علما ان باريس تمسك ورقة قوية “مملوكة” لـ “توتال” راهنا، لن يكون من السهل على الدولة اللبنانية سحبها منها.
وحول ملف الرئاسة تقول المصادر ان واشنطن غير مستعجلة للحل، وان التفويض المعطى لـ “خماسية” باريس يتوافق والمطلوب، ما دامت الاجتماعات “المفصلية” تعقد في السفارة الاميركية، حيث تطبخ البيانات، داعية الى قراءة متأنية للبيان الاخير ومفرداته وتعابيره، واستحضار فترات التغيير السابقة التي شهدها لبنان، مؤكدة ان في هذا الملف ايضا ثمة لحظة لفتح الاوراق الاميركية الجدية، متى حان الوقت.
وعليه، ترى المصادر ان الجو الاقرب الى الواقع في واشنطن لدى الجهوريين كما الديموقراطيين، بدا يتقاطع مع حارة حريك، ويميل الى تثبيت الربط بين الساحتين اللبنانية والفلسطينية، انطلاقا من امرين اساسيين:
– التداعيات السياسية للعملية العسكرية في غزة والتي ستستمر حتى نهاية العام، ستكون حكما لمصلحة المشروع الاميركي في المنطقة، وبالتالي فان التسوية على الارض وشروطها في الجنوب اللبناني، ستكون نسخة طبقة الاصل عن الترتيبات التي سيشهدها قطاع غزة، من هنا فان روحية القرار 1701 باقية، اما نصوصه التطبيقية فستتغير.
– استنادا الى النقطة الاولى، فان هذه التسوية الحدودية تفترض وضعا سياسيا وتسوية داخلية تحفظها، اقلها توازن في الحكومة وبيانها الوزاري يسقط الثلاثيات المعهودة، وهو امر يحتم تعليق انتخاب رئيس للجمهورية الى حين “تستوي طبخة الحلول” على يد طباخها الاميركي، الذي يرجح ان يكون جمهوريا، والذي “ملحه وبهاره” لسيد بعبدا، ان يكون “مسيحيا قويا” عن “حق وحقيق”، وما يترجمه البعض بان يكون حوله اجماع مسيحي.
وفي هذا الاطار “تسخر” المصادر من الكلام الذي يتردد حول ان الرئيس ماكرون ابلغ سليمان بيك ان يتابع معركته في السباق الى بعبدا، مؤكدة ان اي تواصل بين الشخصين لم يحصل، وان ظروف المعركة الراهنة اخرجت الجميع من اللعبة ، باستثناء واحد قد تكون قوته نابعة من الموقع الذي يشغله، و “البروفايل” الذي يتمتع به، حيث البصمات المسيحية واضحة فيه.
وتابعت المصادر ان لا رحلات دولية الى بيروت لموفدين او مبعوثين قبل السادس من حزيران، موعد القمة الاميركية – الفرنسية، التي ستكون حاسمة بالنسبة لفرنسا، لاعادة تموضعها الى جانب الخيار الاميركي، والا فان لعبها في الوقت المتبقي من ولاية بايدن من خارج العباءة الاميركية، سيعرّض مصالحها لاضرار كبيرة.
وختمت المصادر، بان التصور الاميركي مبني راهنا على ان القيادة الايرانية الجديدة ذاهبة الى مزيد من التشدد، في موازاة “فورة” اليمين “الاسرائيلي”، بعد الاجراءات التي اتخذت ضد بنيامين نتانياهو، والتي اعطت اشارة الانطلاق للانتقال الى المرحلة الثانية في الصراع الخفي الاميركي – الايراني، والذي سيتجلى حملة اغتيالات ابعد من حدود لبنان.