Site icon IMLebanon

نفايات بيروت والضاحية: من تحت الدلفة لتحت المزراب!

فيما تتراكم «النفايات» في شوارع بيروت وضاحيتها الجنوبية، بدأت الأطراف المعنية البحث عن حلول مؤقتة أسوأ بكثير من الحال الراهنة. ففي بيروت، أطلق رئيس البلدية بلال حمد مفاوضات مع مالكي قطعة أرض في بلدة سرار العكارية لطمر نفايات بيروت فيها مقابل 20 دولاراً للطن. أما في الضاحية الجنوبية، فقد عمد اتحاد البلديات إلى استحداث مطمر مؤقت على قطعة أرض في منطقة المريجة بالقرب من مطار بيروت

البحث عن حلول مؤقتة للنفايات، في بيروت والضاحية الجنوبية، يشي بأن الأطراف المعنية باتت لديها معطيات كافية تفيد بأن أزمة النفايات طويلة وقد تدوم لأسابيع، وأن الخيارات المتاحة محصورة في إيجاد مكبّات عشوائية بديلة أو مطامر بلا مواصفات وبعيداً عن أي خطوط بيئية حمراء ومن دون أي استراتيجيات مرسومة لدى مجلس الإنماء والإعمار ولدى وزارتي البيئة والداخلية وغيرها من الجهات المسؤولة. المشكلة أن الكل يعلم بأن الحلّ المؤقت سرعان ما يتحوّل إلى حلّ دائم على شاكلة كل ما يحدث في لبنان.

إلى عكار درْ!

قال رئيس بلدية بيروت بلال حمد لـ«الأخبار» إن المفاوضات انتهت مع شركة الأمانة العربية المملوكة من خلدون ياسين (المرعبي) لطمر نفايات بيروت في قطعة أرض تملكها في بلدة سرار العكارية. وأوضح أنه أوعز إلى الدوائر المختصة في بلدية بيروت لتحضير العقد بتفاصيله، رافضاً أن يفصح عن أي منها لجهة المدّة الزمنية أو لجهة كلفة الطمر والشروط الأخرى، إلا أن مصادر مطلعة أوضحت أن الاتفاق يتضمن دفع 20 دولاراً لطمر الطن الواحد. أما النقل من بيروت إلى مكبّ سرار في عكار «فستقوم به سوكلين التي كانت تنقل النفايات إلى مطمر الناعمة» وفق حمد. ويضيف إن العقد لطمر نفايات بيروت في سرار لا يحتاج إلى قرار في مجلس الوزراء، بل يحتاج إلى قرار المجلس البلدي ومصادقة سلطة الوصاية على العقد وإلى موافقة ديوان المحاسبة عليه.

ويقول حمد إن «نقل النفايات من بيروت إلى سرار حيث يوجد مكبّ نفايات أصلاً هو قرار اتخذ بعدما التزمنا مع الشركة التي تدير هذا المكبّ، لكن كلفة النقل ستكون على طاولة مجلس الوزراء بعد أن يبتّ مجلس الوزراء طلب بلدية بيروت التعاقد مع سوكلين لجمع نفايات بيروت الإدارية وتلزيم الشركة القيام بأعمال جمع النفايات والكنس والفرز والنقل وسواها من الأمور التي كانت تقوم بها لمصلحة بيروت الكبرى… وبالتالي فإن المعادلة التي كانت تحصل بموجبها سوكلين على كلفة النقل إلى مطمر الناعمة ستطبّق على كلفة النقل إلى سرار. أما تمويل هذه الكلفة فسيكون من حصّة بلدية بيروت من الصندوق البلدي المستقل».

فيدراليات الزبالة

وبحسب المطلعين على المفاوضات التي دارت بين حمد والمرعبي، فإن حمد لم ينجز الاتفاق بعد بسبب رغبته في قذف «كرة النفايات» إلى مجلس الوزراء الذي يكاد ينفجر بسبب إشكاليات ممارسة صلاحية رئيس الجمهورية وتصعيد التيار الوطني الحرّ في مواجهة رئيس الحكومة تمام سلام. كذلك هناك رغبة لدى حمد بأن يفصل بين نفايات الضاحية الجنوبية ونفايات بيروت، أي أن يكون الحلّ المطروح «فيدرالياً» وأن يقوم كل طرف طائفي ومذهبي بتقديم حلّ لمشكلة منطقته من الجمع والكنس والفرز وسواها، وصولاً الى الطمر.

وفيما تكبر كرة النفايات في بيروت والضاحية الجنوبية، يعود الحديث عن أسباب عدم تقدّم أي شركة إلى المناقصة الخاصة بهاتين المنطقتين. مصادر مطلعة تربط الأمر بخلافات داخل تيار المستقبل نفسه حول سوكلين وملكيتها. فهذه الشركة المملوكة من مجموعة «أفيردا» المسجّلة في جزر بريطانيا العذارى، يحسب رئيس مجلس إدارتها ميسرة سكّر على رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، وأنه في السنوات الأخيرة دخل الأخوان نجيب وطه ميقاتي شريكين فيها بحصّة كبيرة، وبالتالي لم يعد مقبولاً أن تنال الدعم السياسي من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق. ولهذا السبب، تروي المصادر أن الشركة المملوكة من جهاد العرب، المقرّب جداً من ورثة رفيق الحريري، كان قد أنجز كل التحضيرات للمشاركة في المناقصة حول التزام النفايات في بيروت والضاحية الجنوبية، لكنه تراجع في اللحظات الأخيرة بطلب من مرجعيته السياسية.

الضاحية تنتظر

على أي حال، لا تبدو الضاحية الجنوبية أفضل حالاً من بيروت، بل في درجة السوء نفسها، إذ إن النفايات التي تملأ شوارعها، استدعت البحث عن حلّ مؤقت من مرجعيات المنطقة في حركة أمل وحزب الله عبر اتحاد بلدات الغبيري. الاتحاد توصل إلى حلّ مؤّقت يتضمن تجميع وطمر النفايات في قطعة أرض تقع بالقرب من معمل الصرف الصحي الواقع ضمن نطاق بلدية المريجة، إلى جانب مطار بيروت الدولي. وبحسب مصادر مطلعة، فإن تحضير الأرض تمهيداً لاستعمالها أصبح منجزاً. ويقول الرئيس السابق لاتحاد بلديات الغبيري محمد سعيد الخنسا «لقد قمنا بهذا الخيار المؤقت في انتظار قرار مجلس الوزراء الذي يجب عليه أن يأخذ قراراً جريئاً. هذا المكبّ سيتيح تنظيف شوارع الضاحية الممتلئة في انتظار الحلّ».