تمس ازمة النفايات بصحة المواطن وبالبيئة وباقتصاد البلاد لتفجرها على ابواب موسم صيف واعد، انما من ابرز مساوئها ضرب هيبة الدولة التي سبق ان تآكلت، بفعل وجود سلاح غير شرعي بيد «حزب الله»، وبفعل انتشار ما يسمى «سرايا المقاومة»، وبسبب حرية الاخلال بالامن حتى في البؤر الخارجة عن سيطرة الدولة عمليا ومنها مؤخرا مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين.
فالإيغال بضرب هيبة الدولة يفيد اولاً «من يعاني انهيارات في المنطقة«، وفق سياسي لبناني مخضرم، يعني بذلك «حزب الله» المرتبط عضويا بنظام بشار الاسد المتهاوي. ويقول «بذلك يسعى الى ان يخفي خسائره التي تتراكم تدريجيا« بسبب فشله في تحقيق انتصارات عسكرية فعلية على الحدود والتي يكذبها استمرار اهالي العسكريين المخطوفين بزيارة ابنائهم المختطفين لدى «جبهة النصرة«.
كما وان ضرب هيبة الدولة هو «ضرب لضمانات اللبنانيين الذين لن يجدوا امامهم سبيلا سوى التفتيش عن ضمانات رديفة لدى طوائفهم« بما يساهم في تفكك اوصال البلد و»في فوضى لا يستفيد منها الا الطرف المجهز للعيش فيها لان له دويلته«.
واخطر ما في ازمة النفايات علاقتها العضوية بأمن المواطن الحياتي. فهو يستفيق صباحا لتصدم نظره اكوام النفايات فيأتي رد فعله واحدا موحدا «بالفعل ما في دولة» وذلك سواء كان في هذا المحور السياسي او في مقلبه الاخر. ويرى المصدر ان الفاصل بين «قوى 14 آذار« و«قوى 8 آذار« وفي مقدمها «حزب الله» «بات واهيا بنظر الناس الذين باتوا يرون ان الجميع مسؤولون». ويضيف: «فنحن كفريق سياسي نشارك في السلطة على مدى سنوات وإن بأحجام مختلفة، باستثناء سنوات حكم الرئيس نجيب ميقاتي «لذا تقع علينا مسؤولية بنظر الرأي العام» بما يستدعي بلورة موقفنا الرافض تحميل حكومة الرئيس تمام سلام منفردة مسؤولية الازمة الناجمة خصوصا عن شلل العمل الحكومي.
فهذا الشلل المستشري بقوة منذ بضعة اشهر سببه خلافان رئيسيان: آلية العمل في ظل الفراغ الرئاسي والتعيينات الامنية. هذان هما مفتاحا التعطيل الممسك بهما علنا رئيس «تكتل التغيير والاصلاح« النائب ميشال عون تحت شعار مساواته «التوافق» بـ«الاجماع»، فيما يرفض رئيس الحكومة الاجماع الوزاري على كل صغيرة وكبيرة ويرى ان «للتوافق حدودا تفصله عن التعطيل» وصولا الى التلويح بالاستقالة في حال مواصلة التعطيل. وقد اصطدم التلويح بالاستقالة بفيتو خارجي على سقوط الحكومة خصوصا بسبب صعوبات التوافق على سواها في ظل الغياب الرئاسي. وهذ ما ظهر عبر الاتصالات الدولية والعربية التي تهافتت على سلام.
ويقول المصدر «حتى الآن الفراغ الحكومي واقعي لكنه ليس رسميا، ويصبح كذلك عند الاستقالة». كما وتطرح الاستقالة تساؤلات مشروعة عن آلية تقديمها وكيفية نفاذها لدرجة وصلت بالبعض حدّ نكران هذا الحق على رئيس الحكومة في حال فراغ سدة الرئاسة الاولى. لكن الدستور جعل الاستقالة حقا حصريا لرئيس الحكومة، وان تطلب الامر توقيع رئيس، غير موجود، على مراسيم الاستقالة.
فرغم انخفاض الانتاجية تبقى الحكومة موجودة بما يجعلها في مرتبة تختلف تماما عن مرتبة تصريف الاعمال. فالانتقال الى تصريف الاعمال له فوائده ومحاذيره. فهو من جهة يقضي بالكامل على مطلب عون بت التعيينات الامنية فورا لانه يجعل التمديد حتمي، لكنه بالمقابل يفتح الطريق واسعا للكشف دون مواربة عن المطالبين بمؤتمر تأسيسي بذريعة فشل النظام المعتمد. وهذا النظام يرتكز على اتفاق الطائف الذي لم تستكمل بنوده اولا بسبب عقود الوصاية السورية ولاحقاً بسبب الانقسام العمودي بين جماعة مندرجة في ما يسمى زورا «محور الممانعة« وعلى رأسه ايران وسوريا، وجماعة متمسكة بالدولة السيدة المستقلة وبالعبور الى الدولة.