Site icon IMLebanon

أزمة النفايات تخنق نواب بيروت

لم يكن ينقص نواب بيروت إلا أزمة النفايات «حتى يكتمل النقل بالزعرور». النواب الذين ليس لمعظمهم رصيد شعبي يخشون النقمة المتزايدة من الشارع الذي اكتشف أنهم آخر من يعلم في كل ما يجري

يبدو التوتر واضحاً على نواب بيروت هذه الأيام. وهو توتر ناجم عن نقمة الشارع الذي يمثّلونه بعدما أثبتت أزمة النفايات أن لا ناقة ولا جمل لـ«ركاب بوسطة زي ما هيي» في ما يدور حولهم و«على ملعبهم»، و«لا أنياب رقابية أو تشريعية» لهم تمكّنهم من انتشال شارعهم من نفاياته، وانتشال أنفسهم من خطر «تصفير رصيدهم الشعبي»… الضئيل أصلاً.

فقد وضعت أزمة النفايات نواب بيروت، وبالتالي تيار المستقبل، في مواجهة ــــ وإن غير معلنة ــــ مع شارعهم. لم ينتفض البيارتة على طريقة أهل برجا، لكن كثيرين يستعيدون هذه الأيام كل ما حفظوه من أغان بثها تلفزيون «المستقبل»، على مدى سنوات، عن بيروت وإعمارها، وعن «البلد الماشي»، وهم يرون شوارع مدينتهم تغرق تحت جبال من النفايات بما أعاد الى ذاكرة الكثيرين سنوات الثمانينيات. بغصّة وانفعال، يقول أحد النواب البيارتة إن «ظلم ذوي القربى أشد مضاضة». «الانتفاضة البرجاوية» ودعوة نائب عكار «الزميل» خالد الضاهر «كل من يفتح فمه لإرسال الزبالة إلينا أن يضعها في فمه»، تعليقاً على إعلان النائب محمد قباني عن «استيائه لرفض نواب عكار وأهلها دخول نفايات بيروت وضواحيها الى منطقتهم»، جعلتاهم «يكتشفون» أن لا سند للعاصمة ولا معين، وهو شعور لم يغير فيه «الاعتذار العاطفي» الذي قدّمته النائبة بهية الحريري من «بيروت وأهلها» عن «تنكّر اللبنانيين للعاصمة الحبيبة».

يشعر نواب العاصمة بأنهم ومدينتهم متروكون لقدرهم، وكأن المشكلة «بيروتية محض، علماً بأن بين سكان العاصمة لبنانيين من كل المناطق والطوائف». ويعزّز هذا الشعور انفجار المشكلة في وجه رئيس الحكومة تمام سلام ووزير البيئة محمد المشنوق، البيروتيَّين هما أيضاً.

مع استفحال الأزمة، غاب عدد من نواب العاصمة عن السمع، وحافظ آخرون على وتيرة التصريحات التي تقطع الوعود بقرب انتهاء الأزمة، فيما لجأ بعض ثالث الى عقد اجتماعات يومية مفتوحة في مبنى مجلس النواب، رغم معرفتهم بمحدودية دورهم في «اللعبة الكبيرة»، وبأن «مفتاح الحل في يد وليد جنبلاط الذي يريد تأمين مصالحه قبل تقديم أي مساعدة في أي حل»، كما يقول أحدهم. ويضيف: «بين ابتزاز الحلفاء ونقمة الشارع يختنق نواب بيروت، تماماً كما يختنق شارعهم من روائح النفايات المتراكمة».

يقرّ النائب البيروتي بأنه «ليس لدينا الكثير لنفعله، ولا أجوبة لدينا عن الأسئلة الكثيرة. ولكن لا يمكننا الجلوس مكتوفي الأيدي، وخصوصاً أننا، على الصعيد الخدماتي، سجّلنا تراجعاً كبيراً في السنوات الماضية بسبب أزمة التيار المالية. وسياسياً، لم يتمكن أي من نواب العاصمة من التماهي مع الجمهور وبناء حيثية شعبية، كما هي الحال مع بعض زملائنا في الشمال، مثلاً، حتى إن كثيرين من ناخبينا يتهموننا بأننا نقيم في أبراج عاجية». ويلفت الى أن أزمة النفايات «أتت لتزيد الطين بلّة في علاقة التيار، وضمناً النواب، مع شارعه، والتي استفحلت منذ خروج الرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة عام 2011 وغيابه عن البلد». فـ«الأزمة الحالية تدور في ملعبنا، وهي حصراً بين لاعبينا، الى حد أنها خلقت خطوط تماس في شارعنا نفسه. نتفهّم أن أحداً لا يقبل أن تتحوّل بلدته إلى مكبّ للزبالة، ولكن في المحصّلة فإن جمهورنا خارج العاصمة هو من انتفض رافضاً استقبال نفايات جمهورنا فيها».

نائب بيروتي آخر يشير الى «أننا أكلناها من الميلتين: في بيروت لم يعد نافعاً الخطاب التقليدي الذي يتحدث عن خطر النفايات ويدعو الى إيجاد حلول، لأن الغضب الشعبي يتعاظم من عجزنا؛ وفي معاقل تيار المستقبل، في مناطق الأطراف، بات التململ الشعبي واضحاً أيضاً لجهة تحميلنا المسؤولية عن إرسال نفاياتنا إليها، حتى يكاد الأمر يتحوّل إلى صراع بين بيروت وإقليم الخروب وعكار». وفي غضون ذلك، «تغرف جماعات وتيارات أخرى من صحننا، فيما نجلس متفرّجين وعاجزين. وبغض النظر عن الحلول التي سيتم التوصل إليها، فإن العلاقة بين نواب العاصمة وناخبيهم بعد الأزمة لن تكون كما قبلها، لأننا، في رأيهم، مسؤولون عن هذا التقصير».