IMLebanon

ترحيل النفايات  أكبر أكذوبة لعدم وجود الحلّ

الفضائح اللبنانية المتعاقبة والمتتالية تجعل كلَّ متابعٍ لها يُحيي في ذاكرته مصطلحات كان اعتقد بأنه لن يعود إليها وأنَّ لا حاجة له الى مثلها.

في عار النفايات الذي خنق الشعب اللبناني منذ 17 تموز من هذه السنة وحتى اليوم، أحيت الذاكرة اللبنانية مصطلحات:

الفرز من المصدر، المعالجة، الطمر، الحرق.

سقطت كل هذه المصطلحات سقوطاً مدوياً بفعل سقوط مقترحات المطامر والتي كان آخرها في الكوستابرافا. فكانت محاولات المخارج بالتسفير او الترحيل عبر السفن، وهنا دخلنا في مصطلحات جديدة:

التطهير، الفرم، العصر، التوضيب المحكَم، العزل، والأهمُّ من كلِّ ذلك أن تكون النفايات طازجة، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن النصف مليون طن من النفايات المرمية في الطرقات غير صالحة للتصدير لأنّها تحلّلت ولم يعد بالإمكان فرزها وتوضيبها.

ولكن هل التسفير هو الحلُّ العملي؟

لا بدّ من الشرح لئلا يقع الرأي العام ضحية أحلام وردية ويتوهَّم بأنّه سيستفيق ذات يومٍ ويجد البواخر تقف بالصفّ لشحن نفاياته. التسفير أو الترحيل هو المرحلة الأخيرة وليس المرحلة الأولى، لأنه يمر بالمراحل التالية:

الفرز من المصدر، أي في المنازل والمصانع والمؤسسات وكل شيء ينتج نفايات.

النقل الى معامل سحب السموم من النفايات، لأنَّ الدول التي تقبل نقل النفايات اليها، تشترط سحب السموم منها وفحص هذه النفايات للتأكّد من خلوّها منها.

ثم تأتي المرحلة الثالثة التي هي فرم النفايات.

ثم مرحلة عصر النفايات الى درجة التنشيف كشرط لتصديرها. وبعد العصر والتنشيف تأتي مرحلة التغليف بطريقةٍ محكمة منعاً لتسرُّب أي شيء منها أو أي روائح منبعثة.

والأهمُّ من كلِّ ذلك أن تكون النفايات طازجة كشرط للقيام بكلِّ هذه المراحل الآنفة الذِكر، فالنفايات المهترئة والمتحلّلة يصعب فرزها.

***

ماذا نملك في لبنان من هذه الشروط؟

تقريباً لا شيء:

فالفرز من المصدر ثقافةٌ نجهلها، فاللبناني يستخدم سلة المهملات وليس سلاّت النفايات. هنا يسقط الشرط الأول. سحب السموم، كيف نسحب السموم من النفايات ونحن لا نعرف كيف نسحب السموم من المواد الغذائية؟

نقل النفايات الى معامل فرمها وعصرها وتنشيفها وتغليفها بإحكام، وهذه المرحلة لا نملك منها شيئاً، فلا معامل فرم، واستطراداً لا عصر ولا تنشيف ولا تغليف بإحكام.

وعليه، ولأنَّ كل هذه الشروط والمواصفات غير موجودة، فإنَّ التسفير والترحيل دونه عقبات وعراقيل ومعوقات وليس وارداً لمعالجة نفايات لا تستطيع الإنتظار لأكثر من أيام.

ثم هناك الحديث عن الأكلاف المرتفعة لهذه التقنية.

***

بناءً على كلِّ ما تقدَّم فإنَّ الواقعية تستدعي إيجاد معالجات ممكنة للنصف مليون طن من النفايات بالتزامن مع إيجاد آليات بالإمكان تطبيقها، وإلاَّ سنستفيق يوماً على بواخر تُقلُّ اللبنانيين هرباً من روائح النفايات.