ازمة النفايات، التي تحولت، بسبب غياب الرؤية الصحيحة لكيفية معالجة النفايات على الأسس المفيدة والصديقة للبيئة، وبسبب ضعف الحكومات المتعاقبة امام الشعبوية المناطقية المدمّرة، التي اغلقت الابواب امام اي حلّ معقول، الى كارثة بيئية وصحية ووطنية في عهد هذه الحكومة، ليست وليدة هذه الحكومة، بل هي ولدت في عهد حكومة الرئيس سعد الحريري الاولى، التي قضت بالضربة القاضىة لاستقالة وزراء قوى 8 اذار وحليفها التيار الوطني الحر، ولم يسمح الوقت لحكومة الحريري بمعالجة الازمة معالجة جذرية ونهائية، ورحّلت الى حكومة الرئيس ميقاتي، وبعدها الى حكومة الرئيس تمام سلام، الى ان عادت مجدداً الى حكومة الحريري الثانية، وكانت الكارثة التي انفجرت في الايام القليلة الماضية، وكللت النفايات الهابطة من اعالي المناطق المشرفة على الساحل الكسرواني، عن طريق نهر الكلب والسواقي المتخمة بالماء والنفايات وتلك القريبة من مطمر برج حمّود، طول الشاطئ الممتد من برج حمّود حتى مصبّ نهر الكلب وما بعده.
ان التأسف والتفجّع على موت شخص، لا يعيدانه الى الحياة وكذلك، المناظرات عند اهل السياسة، بين مَن هو على حق في موضوع النفايات وبين مَن ليس على حق، لا تقدّم ولا تؤخّر في كارثة تلوّث الماء والهواء والتربة، وفي الامراض المميتة التي أصابت البشر والشجر والطيور والثروة السمكية والسياحة والاصطياف والاشتاء، وسمعة لبنان في العالم، كأكثر الدول تلوّثاً، بعدما فاز بجائزة اكثر الدول فساداً، ولكن المحاسبة واجبة وضرورية اليوم، وبالامس، وغداً، لينال المسؤولون عن هذه الكارثة العقاب، على الأقل حماية للاجيال اللبنانية المقبلة، على قاعدة ولكم في العقاب، قصاص، على ما ارتكبه المسؤولون عن هذا الملف طول سنوات من استهتار وعدم مسؤولية وفساد وهدر، لا يمكن وصفها الاّ بالجريمة.
* * * * *
الكلّ يعلم ان وراء كل مشكلة في لبنان، خلافا على المحاصصة التي قد تكون مالية او مذهبية او طائفية، ولكن اللافت، انه عند التفاهم على المحاصصة، تزول سريعاً العراقيل المذهبية والطائفية التي يتسلّح بها معظم اهل الحكم في صراعهم اليومي على الحصص، والشعب اللبناني، هو الوحيد الذي يدفع الثمن، فقراً، وغلاء، وبطالة، ومرضاً، وموتاً، وهجرة، واذا كان هناك من يعمل في السرّ والعلن، لتأجيل الانتخابات النيابية، والتمديد لهذا المجلس الفاشل في جميع مقاييس الرقابة والتشريع، فخوفاً من ان تحمل الانتخابات المقبلة مفاجآت بوصول نواب الى المجلس، يشرّعون لمصلحة الناس، واذا اوكلت اليهم امانة الوزارة، يعملون بأمانة ومسؤولية واخلاقيات، ترفض المحاصصات والفساد والهدر.
كارثة النفايات، ليست لعبة، وليست خطيئة عرضية ارتكبها جاهلون، انها جريمة ارتكبت عن سابق وتصوّر، وتخالف على الأقل ثلاثاً من وصايا الله العشر هي، «لا تسرق، لا تشهد بالزور، لا تشتهي مقتنى غيرك».
لترتاح العدالة، يجب ان يطبّق المفعول الرجعي على المسؤولين الذين خنقوا لبنان بنفاياتهم.