مرَّت أمس ذكرى لم يتوقف عندها كثيرون، إنها ذكرى 17 تموز 2015، تاريخ اقفال مطمر الناعمة، وهو القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء في 17 كانون الثاني 2015، واعطى مهلة ستة اشهر لتنفيذه، وفي تلك الستة اشهر لم تفعل الحكومة شيئا، بشخص وزير البيئة، فانفجر الملف وبدأ تراكم النفايات من دون ان يكون هناك مكان لتجميعها ومعالجتها وطمرها.
استفاقت الحكومة من غيبتها وغيبوبتها وبدأت عملية المناقصات تحت ضغط الشارع، فرست المناقصات على ثلاث مجموعات، لكن الاتفاق ألغته الحكومة تحت ضغط الشارع، وبدل ان يقرر وزير البيئة المواجهة قرر الإنكفاء والحرد وهو اجراء فريد من نوعه في الحياة الوزارية، فلا هو استقالة ولا هو اعتكاف، بل هو شيءٌ غير مفهوم، مزاجي، فقرر رئيس الحكومة، ووزير البيئة صديقه، ان يكلف وزير الزراعة اكرم شهيب بالملف.
أكثر من شهرين أمضاها وزير البيئة بالتكليف، أكرم شهيب، في معالجة ما لم يعالجه وزير البيئة الأصيل. الى ان تم اتفاق الترحيل الذي سقط بالريبة وبعدم وجود دول تقبل بأن تُرحَّل نفاياتنا اليها.
استعفى الوزير شهيب ليعود الوزير محمد المشنوق الى وزارته، من دون ان يحقق شيئا يُذكر، دخل البلد في دوامة مناقصات برج حمود وكوستا برافا، انخفاض نتائج مناقصة برج حمود فضح ارتفاع أسعار مناقصة كوستا برافا، فأعيدت المناقصة من دون ان يخلو الأمر من فضيحة، ووجه الفضيحة يتمثل في ما يلي: المتعهد الذي تم سحب المناقصة منه، وأعدَّت مناقصة جديدة، ما زال يعمل في كوستا برافا، وكأن شيئا لم يكن، وحين يُفاتح كيف يعمل فيما المناقصة قد ترسو على غيره، يأتي الجواب منه انه لن يهدر الوقت لان المناقصة سترسو عليه!
السؤال هنا: يجرؤ المتعهد على الاستمرار في العمل فيما المناقصة الجديدة لم تُعلن نتائجها؟ ماذا لو قام متعهدٌ آخر بما يقوم به المتعهد المستقوي؟ فماذا ستكون النتيجة؟
هذه فضيحة اولى، أما الفضيحة الثانية فتتمثل في طاقة التحمُّل في ملف التجميع ففي الكوستا برافا وبرج حمود، فإن المساحة المقدمة تستوعب خمسمئة طن، فماذا عن الكميات المتبقية، أي ما يوازي ثلاثة آلاف طن؟ هل هذا يعني ان النفايات ستعود الى الشارع أو بشكل ادق، ستبقى في الشارع؟
مطمر الناعمة استمر نحو سبعة عشر عاما، وطوال هذه المدة لم يتم التفتيش عن الحلول البديلة عند انتهاء مدته، فما هي المعالجات في غيابه الذي اصبح غيابا نهائيا؟
لئلا يلتبس الأمر على اللبنانيين، فإن ما يجري هذه الأيام على مستوى النفايات، ليس حلا، فكل ما حصل هو رفع النفايات من الشوارع وتجميعها في الكوستا برافا وبرج حمود، ولكن ماذا بعد ذلك؟ هناك اعتراضات على الكوستا برافا، وهناك من ينصح المتعهد الذي رست عليه المناقصة في برج حمود، ان لا يبدأ بالعمل، لأن المطمر هناك لن يبصر النور لأن حركة اعتراضات قوية ستقف في وجهه.
في هذه الحال، هل تكون قضية النفايات قد وصلت الى المأزق؟
هناك فضيحة ثالثة وهي تتمثَّل في ان الارتفاع المتاح لتجميع النفايات هو سبعة امتار كحد اقصى، بموجب الاتفاق. اليوم بدأ الارتفاع يزيد عن هذا الحد من دون ان يأخذ بعين الاعتبار الانعكاسات السلبية لهذا الارتفاع المستجد على سلامة الطيران.
الحكومة التي تتفاجأ بكل شيء، ولا يزال رئيسها وبعض الوزراء فيها يبكون شينوك، ويتندرون لانها لم تأخذ فرصتها، عليهم ان يسمعوا ويقرأوا جيدا انهم لم يقوموا اليوم بأي خطوة او تلزيم صوب الحل، أي حل، الجيد أو السيئ، بل اشتروا وقتا فقط، واستهلكوا من خلاله فرصة وان الأزمة عائدة فما العمل؟