اذا كانت الميثاقية قد حطت على طاولة الحوار لمناقشتها من حيث الشكل والمضمون فان الوصول الى تعريفها يعتبر من المستحيلات لما تحمله من اوجه كثيرة، فهي اشبه ما تكون بالعاهر كل يقبلها على طريقته وفق الاوساط المواكبة للمجريات فهل تعني الميثاقية وفق «التيار الوطني الحر» اختصار المسيحيين بوزرائهم فقط فلماذا وافقوا على المشاركة في حكومة المتناقضات في وقت رفضت «القوات اللبنانية» الامر وآثرت البقاء خارجها كون حكومة المتناقضات لن تنتج الا المشاكل والمشاكسات فاستعيض عن مشاركتها «بالكتائب اللبنانية» التي اعطيت 3 حقائب ولكنها سرعان ما غادرت الركب الحكومي بشخص وزير الاقتصاد الان حكيم ليبقى وزير العمل سجعان قزي في حقيبته كونه يرفض ان تملى الامور عليه دون استشارته في وقت لجأ فيه وزير الاعلام رمزي جريج الى استعمال حجة عدم التزامه كتائبياً لينفذ قرارات الحزب.
وتضيف الاوساط ان اعتكاف الوزراء البرتقاليين عن المشاركة في جلسات الحكومة رفضا للتمديد في بعض المواقع الامنية وفي طليعتها قيادة الجيش وانعقاد الجلسة الاخيرة على الرغم من مقاطعتهم دفعهم الى استعمال الميثاقية كشعار اشبه ما يكون بـ«انا او لا احد» علماً ان رئيس مجلس النواب نبيه بري صاحب «الميثاقية» وصف حكومة الرئيس تماما سلام بـ«كاملة الاوصاف» وتتمتع بالميثاقية ولو غاب عنها وزراء التيار البرتقالي. اما الموقف الحقيقي للرابية فينحصر بعدم التمديد للعماد جان قهوجي في قيادة الجيش باعتباره «رابوق» لعون لابعاده عن حلبة السباق الرئاسي علماً ان الامر يتعلق اولاً واخيراً بـ«الفيتو» السعودي – الاميركي عليه.
وتشير الاوساط الى ان السعودية تخشى من وصول الجنرال الى بعبدا لعدة اسباب يأتي في طليعتها قلقها على «اتفاق الطائف» الذي رفضه عون جملة وتفصيلاً ولم يلب دعوة المملكة اثناء رئاسته للحكومة الانتقالية في نهاية ثمانينات القرن الماضي للمشاركة في الجلسات التي ادت الى ولادة «اتفاق الطائف» برعاية اميركية سعودية وسورية رافعاً شعاره المعروف: «يستطيع العالم ان يسحقني ولكنه لا يستطيع اخذ توقيعي»، ولكن الظروف والمتغيرات بعد عودة عون من المنفى وقراءته ارض الواقع اعترف «بالطائف» مسايرة دون قناعة وفق ما تراه القيادة السعودية التي انتظر عون طويلاً ليتلقى دعوة رسمية لزيارتها ولكنها لم تحصل في وقت استقبلت المملكة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على طريقة استقبال الرؤساء.
وتقول الاوساط ان الموقف السعودي هو بطريقة او باخرى مريح لواشنطن كون القريبين من مركز صنع القرار فيها يقولون ان العاصمة الاميركية لم تغفر لعون اغلاق سفارتها في عوكر وطرد العاملين فيها ابان توليه زمام الحكومة الانتقالية، واذا كانت «الاجندة» الاميركية في المنطقة تضع المجريات السورية في اولوية اهتماماتها غير عابئة بالشغور في بعبدا فان الاتفاق المرتقب بين واشنطن وموسكو على هامش «قمة العشرين» بشأن سوريا، قد ينسحب لاحقاً على الاوضاع المحلية ويفرج عن الاستحقاق الرئاسي ليسير على سكة الحل ولكن الرئيس العتيد سيكون من خارج الاربعة الاقوياء، وجولة جايمس شانون على السياسيين توحي بذلك، ويبقى السؤال المطروح: هل مناقشته الميثاقية وجعلها قضية مسيحية من قبل البرتقاليين اهم من ملف النفايات التي اغرقت مناطق جبل لبنان ومن المحتمل ان تقفل طريق الرابية؟