اوحت المواقف الرسمية والسياسية المعنية، بأن ازمة النفايات لن تحل في المستقبل المنظور، لاسيما ان المزايدات لجهة المناطق المرشحة لان يتم احداث مكبات فيها، لم تصل الى نتيجة تذكر بقدر ما دلت على ان الامور سائرة باتجاه المجهول ، خصوصا ان موضوع مكب الناعمة – عين درافيل اثير قبل اكثر من سبعة اشهر كمرحلة سماح من غير ان يستوعب المعنيون التحذير، كما تردد ان الخطأ الذي وقع فيه المسؤولون مرشح لان يتطور باتجاه «اللااتجاه» حيث يصعب بعد ذلك الوصول الى حل!
ان قول، بل اقوال رؤساء بلديات المدن الكبرى والصغرى دلت بوضوح على وجود استحالة امام استضافة النفايات، مع ما يعنيه ذلك لجهة عدم وجود استعداد لذلك من بعض البلديات القادرة على انشاء مكبات فيها، في الجنوب او البقاع ام الجبل والشمال من غير مقابل سياسي – مطلبي طالما ان المكبات تحتاج الى من يصرف عليها بسخاء سياسي كما سبق وحصل مع اهالي وزعماء مكب الناعمة – عين درافيل، حيث كانت الاموال والمكافآت تغدق بملايين الدولارات، خصوصا ان الانذارات قد حددت لشهور وسنين بلا طائل؟!
المهم في هذا الصدد، ان شيئا يجب ان يحصل قبل ان تعم مكبات النفايات شوارع بيروت ومختلف المناطق اللبنانية بلا استثناء، مع العلم ان وزير البيئة المعني مباشرة بالموضوع قال كلاما عابرا على انشاء مكب طوارئ في منطقة لم يحددها، ربما لان تكتمه قد يفقد المفاجأة معناها، بحسب ما اجمع عليه المراقبون من ان لا مجال لترجمة ما صدر من الوزير محمد المشنوق، ربما لانه اراد تقطيع الوقت قبل ان تظهر خبريته على حقيقتها، او انها قد ظهرت وليس من هو بحاجة الى ان يكذب على الاخرين (…)
وما هو اكثر اهمية، ان هناك سياسيين بدأوا التشهير بالحكومة وبوزرائها مع انه سبق لهؤلاء ان تاجروا بالموضوع من قبل ان يصلوا الى الحكومة او الى مجلس النواب، من غير ان يحققوا الغاية المرجوة قبل انفجار الازمة بشكلها الراهن، وهذا ما يوصف سياسيا بانه نتيجة ارباك في كل شيء له علاقة بما يقال عن مشروع ضبضبة النفايات من الشوارع من غير حاجة الى رشها بالمبيدات تجنبا لمحاذير انتشار الروائح والاوبئة؟!
وعلى من لم يستوعب درس النفايات ان يعود بالذاكرة الى ايام النهب للدلالة على ما كان يصرف من خزينة الدولة من ملايين الدولارات بحجة منع حصول كارثة انتشار النفايات كما هو حاصل الان، الى ان انفجر الوضع من غير ان يأخذ المعنيون حذرهم من قبل اقفال مكب الناعمة – عين درافيل، ومن غير ان يبحث المعنيون عن حل لتدوير النفايات كما هو حاصل في معظم دول العالم التي توصلت الى معالجة المشكلة قبل انفجارها مثلما حصل ويحصل عندنا!
واذا كان لا بد من مكب او اكثر، لحل المشكلة الطارئة صدرت مواقف شاجبة ومنددة طاولت جميع المسؤولين عن انتشار النفايات بصورة لا سابقة لها، فيما لم يلحظ احد اي مسعى جدي يمكن ان يسفر عن حل لهذه الازمة المرشحة لان تتفاقم الى تطور الصراع السياسي الى الحد الذي يمنع اي انفراج مرجو، مع العلم ايضا ان هناك عروضا شبه رسمية توحي وكأن ثمة حلا يعرض على المسؤولين من غير ان يأخذ احد به، ربما لان لا فائدة مباشرة من جراء استخدامه!
ولجهة الحال الحكومية، هناك من يجزم بأنه يملك معلومات دقيقة مفادها ان لا مجال للحكومة سوى الاستقالة، تجنبا لمحاذير انفجار الوضع الاجتماعي، كما يهدد بذلك جميع من طاولتهم النفايات في عقر دارهم ومحالهم ومتاجرهم، فضلا عن ان هناك بلديات تسمح طبيعتها بانشاء مكبات موقتة قبل الوصول الى حل مقبول على حساب هذه المنطقة او تلك، خصوصا ان الحلول المقترحة الى الان لا تفي بالغرض؟!
ومن الان الى حين عقد مجلس الوزراء جلسته الطارئة يوم غد الثلاثاء لا تبدو الاعصاب مؤهلة لان تستوعب حلا سياسيا من خلال بيانات كلامية لن ترضي احدا ولا يفهم منها سوى الفشل المؤكد، حيث لا مجال الى اعتماد حلول غير حاسمة، كي لا تكبر الكذبة ولا يعود هناك من يصدقها حتى من بين من يلجأ اليها لتمرير الوقت والافادة من عامل النكرزة السياسية التي طال الاعتماد عليها بلا فائدة تذكر؟!