IMLebanon

النفايات في طريقها الى الشوارع؟!

 

مع اشتعال ملف النفايات، تعود الذاكرة الى جبل برج حمود الذي لا يزال ماثلا للعيان، ومعه جبل صيدا الذي امكن حصره بعد سنين طويلة من التفاعل السلبي حيث لم يترك مكان لحل منطقي لولا قلة ذوق البعض ممن استخدم الموضوع في غير مكانه البيئي والصحي في آن.

اما وقد نسف مكب الناعمة جلسة مجلس الوزراء ومعها التفاهم الكاذب داخل الحكومة، لا بد من سؤال من تسبب في ذلك عن جدوى «صراع اخر ساعة»  طالما ان النتيجة  المرجوة تقضي بالبحث عن مطامر جديدة «بعد التخمة» في مكب الناعمة الذي يكاد اذاه ان يصل الى العاصمة ومختلف مناطق قضاء عاليه جراء اقتصار العمل فيه على تفتيت النفايات من دون القضاء على المضار الصحية التي تدمر البيئة لسنوات طويلة!

ان الجلسة الوزارية لم تتوقف عن عبث، بقدر ما شابها من تباينات بين من يفهم باصول التعاطي مع هكذا ملف، وبين من يريد تسويق وجهة نظره بالقوة، والا  لانتفت الحاجة الى حكومة، مثل اي مكب للنفايات جاهز او مفتعل بحسب تصنيفات بعض الوزراء ممن لم يجدوا افضل من هذا الملف لتسويق وجهة نظر من الصعب، بل من المستحيل العمل بموجبها، ليس لان وزراء الكتائب على حق او نصف حق، بل لان هناك من يرغب في تمرير الموضوع بأقل نقاش ممكن، لا بد وان يستتبع «بشد الشعر والسب والاهانة» لان الامور لن تسير كما يجب وكما يزعم البعض!

صحيح ان «جهنم  مطمر الناعمة» قد فرضت تغيير الاسم الى مكب لمجرد اللعب على الالفاظ بدليل تمسك نواب المنطقة والاهالي بقرار وقف العمل هناك، وقد قالها صراحة رئيس جبهة النضال الوطني الزعيم الدرزي وليد جنبلاط عندما اكد التمسك بيوم السابع عشر من هذا الشهر موعدا نهائيا لاقفال المكب، وهذا التاريخ سبق للحكومة ان اقرته قبل وقت طويل، من غير ان تجد الشجاعة اللازمة للبحث عن مطامر  جديدة، حيث كان كل طرف يسعى لابعاد شبح النفايات عن منطقته ليرميها في مناطق اخرى قادرة ربما على تحمل الاضرار البيئية والصحية؟!

ومن الان الى حين ان يتوفر للحكومة الحل المرجو، حسنا فعل الرئيس تمام سلام الذي علق جلسات مجلس الوزراء حتى اشعار اخر، على امل اتفاق الوزراء على مصير هذا الملف الذي يكاد يفجر الحكومة من الداخل، وهو قد فجرها بعدما وصلت النقاشات الى حد المواجهة بين هذا الوزير وذاك ليس لانهم لا يريدون حلا، بقدر ما يرغبون بحصول حل يناسب طروحاتهم ووجهات نظر كل منهم بما في ذلك المصالح الخاصة (…)

لقد سبق القول بعد انكشاف فضائح جبل النفايات في برج حمود، ان من الضروري البحث عن حل علمي ومنطقي لا يكون في منطقة على حساب منطقة اخرى، وقد انقضت سنين طويلة، تحولت بعدها الانظار الى مكب صيدا الذي شكل مشكلة بيئية – صحية مخيفة استحالت معالجتها لوقت طويل قبل ان يقفل في وجه قوافل «شحن النفايات» ليستعاض عنه بمكب او مطمر الناعمة، من غير ان تعرف السلطة او تضرب حسابا لما يمكن ان يطرأ مع الوقت، وها ان الوقت قد حان من دون تحديد ماهية الحل المرجو بالحاح؟!

من فضائل هذه التعقيدات انها تفضح تصرفات بعض الوزراء ممن لا يعجبهم العجب، الا في حال كان لمصلحتهم، اضافة الى ان هناك مسؤولين يرجون بدورهم ان يزيدوا الازمة تعقيدا عندما يتجاهلون اصول التعاطي الفني والعملي مع النفايات، فضلا عن ان الدولة تتجاهل ضخ ملايين الامتار من الصرف المنزلي على طول الشاطئ اللبناني الذي يكاد يتحول الى رواسب من شأنها القضاء على الثروة المائية، وليس من يفكر بمعالجة علمية لهذه المشكلة ربما لان مصالح البعض مقتصرة على ما هو حاصل؟!

اما بعد، فان السجالات الوزارية قد كشفت الى حد بعيد وجود «اهتراء فكري» عند بعض الوزراء  الذين لم يشبوا عن «طوق المسؤولية» وما اكثر هؤلاء الذين من هذا الصنف ممن يرى الحل في التعدي على مصالح الغير، بدليل تطور النقاش الى حد تبادل الاتهامات بين من يريد هذا الحل او ذاك لما فيه مصلحته الشخصية، مع ما يعنيه ذلك من الحاجة الى اقرار خطة سريعة وذكية وفاعلة لوضع حل لمشكلة النفايات قبل ان تتطور الامور من عدم وجود مكب او مطمر الى انتشار النفايات في طول لبنان وعرضه، وهذا الشيء مرتقب في يوم السابع عشر من كانون الثاني الجاري تاريخ اقفال مكب الناعمة بقرار سياسي وشعبي؟!