بين العثر والحل، تسير الملفات اللبنانية، وبين الغطاء السياسي المتوفر شكلا والمفقود عمليا ،تلعب بورصة الحلول، من الملف الرئاسي والحكومة وصولا الى ملف النفايات والترقيات ،حيث يختلط الحابل بالنابل وتتشابك المصالح في الشارع وعلى الطاولات، التي نجحت اخيرا في تأمين اتفاق على تكليف القوى الامنية تأمين تطبيق وحماية ومواكبة خطة النفايات وعمليات نقلها الذي ستتولاه شركة سوكلين،بعدما شكل لقاء البيال الحد الفاصل لانتقال خطة الوزير اكرم شهيب لحل ازمة النفايات الى حيز التنفيذ.
ولعل من ابرز الدلالات على المأزق السياسي الذي تعيشه البلاد بحسب مصادر متابعة، كلام رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، بعد سلسلة تغريداته وما ادلى به في حفل تكريم السفير الاميركي، الذي يبدو بحسب آخر المعطيات انه تقرر ابقاءه في بيروت الى حين وضع الحل على السكة، عن «عدم وجود إمكانية نتيجة الظروف الاقليمية والدولية المحيطة في الوقت الحالي لانتخاب رئيس توافقي». استنتاج له ما يبرره في ظل «الطحشة» الروسية على سوريا وتداعياتها المرتقبة على الوضع اللبناني المترنّح فوق بركان أزمات متشابكة مع الملفات المنطقة الساخنة ،لا سيما الأزمة الرئاسية المعلَّقة بقوة الأمرِ الواقع الذي أرادته ايران واحدة من أوراق القوة في مرحلتيْ ما قبل وما بعد الاتفاق النووي.
واشارت المصادر الى ان الساعات الماضية بيّنت وخلافا لما كان اوحى به وزير الصحة وائل ابو فاعور حول تسويات في ملف ترقيات الضباط ستكون جاهزة مع انعقاد طاولة الحوار الثلاثاء، ان الامور لا زالت تراوح مكانها عند المربع الاول، حيث تعتبر المصادر ان المسالة ابعد من ايجاد صيغة او اخراج ،اذ ان المطلوب اغراق الاتصالات بالصيغ تمريرا للوقت حتى الخامس عشر من تشرين موعد احالة العميد روكز الى التقاعد،لاهداف سياسية باتت معروفة وعسكرية ليس اقلها سيناريو يتم تدوله داخل الجيش عن ان اي ترقيات بالشكل المطروح خارج اطار يضمن المساواة سيدفع بكبار ضباط القيادة الى الاستقالة ،ما قد يخلق ازمة حقيقية داخل المؤسسة،في الوقت التي تحدث فيه البعض عن تهديد قائد الجيش بالاستقالة على خلفية هذا الملف.
واكدت المصادر انه ارتباطا بالملف الاول يبدو ان اعادة عجلة العمل الى الحكومة والمجلس النيابي لن تكون سهلة وقريبة ،رغم تاكيد رئيس الحكومة ان الحكومة غير معطلة وستعود الى العمل بعد عودته من نيويورك، اذ تشير المصادر الى ان اي دعوة لبحث اي ملفات داخل الحكومة بعد 15 تشرين الاول ستواجه فورا باستقالة وزراء الثامن من آذار بما فيهم وزراء حركة امل. علما ان اوساطا وزارية اكدت ان رئيس الحكومة ابلغ مراجعيه بانه لن يدعو الحكومة الى الانعقاد قبل ان تدخل خطة جمع النفايات حيز التنفيذ، ورأت المصادر ان تعثر الحوار الذي انطلق اعرجا مع غياب القطب المسيحي الثاني،القوات اللبنانية، وتراجع التمثيل العوني بعد الجلسة الاولى ،حيث تكشف كواليس الرابية عن ان «الجنرال» يشتم رائحة غير نظيفة ووجود تواطؤ بين اطرافها الاساسيين بالتعاون مع بكركي لتمرير انتخاب رئيس وسطي،وهو ما دفعه الى توجيه رسالته المبطنة الى البطريرك،معتبرا ان وليد جنبلاط يلعب الدور الاخطر من خلال محاولة تمرير مسألة الترقيات لاهداف مرتبطة بالملف الرئاسي وتسويته.
ففي خطوة متقدمة على طريق معالجة ملف النفايات ،باتت غالبية البلديات والمحافظات المعنية تميل للسير بها على حد قول المصادر، بانتظار تذليل ما بقي من اعتراضات غير مقنعة لجماعات الحراك المدني، والتي تؤكد ان طاولة الحوار امنت الغطاء اللازم للخطة،التي يلزمها للتنفيذ الغطاء العملي على الارض، من هنا الحاجة الى استكمال الاتصالات وبتسهيلات من طاولة الحوار، إذ ليس بالامكان ارسال النفايات الى مكان لا تكون عناصر نجاح الخطة فيه عالية الوتيرة، وحيث ما يزال البحث جاريا عن موقع يستوفي الشروط الصحية والبيئية، في ما خص السلسلة الشرقية بانتظار اللقاء موسّع مع بلديات عنجر ومجدل عنجر والصويري وفاعليات المنطقة لتأمين مطمر، لتجنّب مواجهة تنفيذ الخطة في المنطقة.
من جهتها، اشارت ،مصادر اللجنة الفنية، المكلّفة وضع خطة معالجة إدارة النفايات الى أن أعمال الحفر لمطمر سرار في منطقة عكار بدأت، لافتة إلى ان الأجواء الهادئة التي كانت سائدة خلال الاجتماع في «البيال» كانت ايجابية، حيث استمع الأهالي إلى الشرح العلمي التفصيلي لكيفية إنشاء المطمر، وسألوا عن أدق التفاصيل، كذلك استمعوا إلى المشاريع الإنمائية المحضرة للمنطقة، مع تأكيد ضرورة تحمّل بقية المناطق المسؤولية نفسها، كاشفة، أن الاثنين هو الموعد المتوافق عليه للبدء بتنفيذ خطة وزير الزراعة اكرم شهيب لجمع النفايات من شوارع بيروت والجبل، بعدما اكتملت التحضيرات على صعيد تحضير المكبات المؤقتة والدائمة وبينها مكب النفايات في سلسلة الجبال الشرقية الذي أُبعد عن بلدة مجدل عنجر نزولا عند ضغط الاهالي وقُرّب أكثر من الجانب السوري للحدود مع السلسلة، حيث توجد اراض شاسعة ومهملة.
اذن العد العكسي لتنفيذ خطة الوزير اكرم شهيب بدأ. وفي المعلومات ان الاستعدادت اللوجستية على الارض سيباشر بها خلال ساعات. اما خارطة الاستعدادات فعلى الشكل التالي:
– في مكب سرار في عكار،تحضير الاسس لانشاء المطمر انطلق حتى لو لم تنفذ الخطة.
– في معمل صيدا الذي سيستقبل يوميا 250 طنا اضافيا من النفايات, الجهوزية كاملة للمرحلة الجديدة.
– في مطمر الناعمة،الطريق سالكة مبدئيا امام الشاحنات لسبعة ايام فقط بعد توافق مع اتحاد بلديات الغرب الأعلى والشحار وبلدية الناعمة ومجموعة من حراك المنطقة.
– في برج حمود المباحثات خطت شوطا كبيرا وتحويل الجبل الى مساحات وحديقة يحتاج الى 75 مليون دولار ملحوظة من ضمن الخطة.
– اما عند السلسلة الشرقية، فتحديد مكان المطمر مسألة وقت، والفريق الفني متواجد على الارض لحسم الخيار بعيدا عن مصادر المياه ووفق الاسس العلمية.
والسؤال بالامكان القول ان ازمة النفايات في طريقها الى الانحسار؟
ما شهدته الساعات الاخيرة يؤشر الى ذلك. لكن الشيطان يكمن دائما في التفاصيل فهل الغطاء السياسي حسب حساب الشياطين ام ان النفايات اتعبت الجميع ولا بد من التخلص منها؟