فيما ينشغل مجلس الوزراء بمشكلة النفايات والتعيينات لم يعد احد يأتي على ذكر ازمة الكهرباء التي انتقلت من المناطق الى العاصمة بقدرة قادر بعدما تكررت الاعطال في المعامل الحرارية في الجنوب والشمال، الى حد وقف الانتاج بمعدلات قياسية، ما اضطر مؤسسة الكهرباء الى الاتكال على التقنين القاسي، بل المخيف في عز ايام الصيف وحرارة آب اللهاب حيث تحولت الطاقة الى ما يشبه الهدية الواجبة التأدية في هذا الزمن الصعب الذي تخطت فاتورة المولدات ما يتجاوز المئة الف ليرة على كل خمسة امبير (…)
ليس المهم القول ان لبنان الان في عز موسم الصيف والسياحة الاجنبية والعربية، بل اننا في زمن يعز على الانسان العادي ان يجد لقمة عيشه بوسائل شريفة، فيما تبقى الوسائل غير الشريفة هي المسرح المعيشي المتاح عند بعض تجار السياسة ومن يعمل في خدمتهم على اساس تسويق بعض المشاريع التي ليس من مكان لترجمتها سوى لانها تصب في مصالح بعض الزعماء الذين يصبون نهجهم في سبيل ما يغطي فضائحهم التي تتصاعد روائحها بالتزامن مع روائح النفايات المنتشرة في طول لبنان وعرضه.
وما يقال عن الكهرباء يقال مثله واكثر عن الجمود المسيطر على مجلس النواب، لاسيما ان دولة الرئيس بري ينتظر في غير اتجاه لتأمين عقد المجلس بصورة قانونية لا لبس فيها، والشيء بالشيء يذكر بالنسبة الى الاعمال السائدة مجلس الوزراء المنشغل هذه الايام بفضيحة النفايات ومثلها قضية التعيينات العسكرية والامنية والادارية التي تكاد تشكل ثلاثة ارباع مشاكل البلد، لاسيما ان احدا لم يعد يأتي على ذكر الانتخابات الرئاسية الا للدلالة على ان الاتي اعظم!
في اخر جلسة لمجلس المطارنة الموازنة كان تخوف من ان تصل البلاد الى حال من الدمار الذاتي، وهذا ما قاله ويراه عدد من القيادات الروحية الاخرى التي تعرف تماما ان مجالات التعافي اصبحت بعيدة عنا بعد الارض عن السماء حيث لكل طرف مصلحة يتلطى وراءها للقول انه لن يتراجع عن مصلحته في انقاذ الرئاسة الاولى، مع العلم ان الذين يتطلعون الى مصالح الغير هم الذين يؤخرون الانتخابات الرئاسية!
وفي آخر جلسة لمجلس الوزراء كان تذكير باننا في زمن الشغور الرئاسي، وفي زمن تفضيل المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، خصوصا عندما يقال ان الاهتمامات الخارجية بالرئاسة في لبنان قد تراجعت بمستوى تراجع الاهتمام الداخلي واكثر، لان من له قرار يتصرف بمعزل عن ضرورات التركيز على ما يتيح انتخاب رئيس جمهورية، لاسيما ان مجالات العمل السياسي مقتصرة على ما ليس منه بد من مصالح خاصة، اضافة الى ما تردد اخيرا عن ان الاميركيين نزعوا ثقتهم باسرائيل على خلفية الاتفاق النووي مع ايران، فضلا عن تخوف الرئيس باراك اوباما من اقدام اسرائيل على عمل سياسي – عسكري طائش!
عندما قيل ان المسعى الفرنسي مع الرئيس الايراني حسن روحاني لم يؤد الغاية المرجوة منه، لتسهيل انتخاب رئيس الجمهورية، طبعا بعد الاخذ بوجهة النظر السورية التي لا تزال تؤثر في مجريات الاحداث عندنا، حيث للسوريين فاعليات سياسية تنفذ رأيهم بمعزل عما اذا كانت فيه مصلحة لبنانية عامة، او لم تكن….
والملاحظ ايضا ان مساعي الدول العربية لرأب الصدع في لبنان، لم تفعل فعلها جراء ارتباطات الداخل بالنظام السوري ومع كل من له علاقة بايران، والمقصود هنا هو حزب الله الذي يتطلع الى استمرار تفلته العسكري خارج دائرة الدولة ومن دون ان تكون تصرفاته لمصلحة لبنان، الامر الذي جعل ويجعل من تحالفه مع رئيس التيار الوطني العماد المتقاعد ميشال عون افضل من كل ما له علاقة بالمتطلبات الوطنية (…)
لذا، يمكن القول تكرارا ان حزب الله هو من يمنع انتخاب رئيس للجمهورية، عملا بما فيه مصلحة حليفه الجنرال الذي لم يقطع الامل ازاء تحريك هواجس الجميع ممن يعرفون ان استمرار الشغور الرئاسي سيتفاعل سلبا في حال استمر الوضع على ما هو عليه، وهذه ليست مجرد مقولة عابرة طالما ان الامور مرشحة للوصول الى مزيد من السلبية الوطنية والسياسية في آن، خصوصا عندما تبقى الحكومة بلا قرار ومجلس النواب مشلولا لاعتبارات معروفة الابعاد والاهداف؟!