لن يُصدِّق اللبناني العادي أي شيء يتعلَّق بالنفايات إلا بعد أن يرى الكونتينرات محملة فوق ظهر البواخر التي تخرج من المياه الإقليمية اللبنانية. أما ما دون ذلك فإنه سيبقى مرتاباً ومشككاً، وهو يحقُّ له أن يرتاب وأن يشكك في كلِّ شيء، فالذي كواه الحليب ينفخ على اللبن، ولم يعد بإمكانه سوى القول ما تقول فول النفايات حتى تصير بمكيول الترحيل.
***
منذ أكثر من شهر، كان الحديث عن شركتين، واحدة هولندية والثانية إنكليزية، الأولى لم تستطع تجاوز الإمتحان لأنها لم تستطع إيجاد مطمر دولي تُرحِّل إليه النفايات، وتبيّن أنَّ موافقة سيراليون لم تكن صحيحة بل إنَّ عملية تزوير حصلت وكشفتها وسائل الإعلام في سيراليون. استُبِعدَت تلك الشركة الهولندية من السباق ولم يبقَ في الميدان سوى شركة واحدة هي شركة شينوك البريطانية.
وُضِع السعر الأعلى للترحيل، 123 دولاراً للطن الواحد، وعلى رغم كل المناشدات والتوسلات بإعادة النظر لخفض الأسعار أو للإستعاضة عن الترحيل بالطمر في لبنان ولكن وفق طرق علمية صديقة للبيئة، فإنَّ آذان المصالح صُمَّت عن السماع، خصوصاً أنَّ الإكراميات بدأت تتوزع على المسهِّلين، كما أنَّ العمولات حُجِزَت للمساهِمين في إكمال الصفقة.
***
لكن يبدو أن سيراليون ثانية في طريقها إلى الظهور:
إشارات من روسيا تفيد بأنَّ هناك قبولاً وعدم قبول في آن واحد في موسكو لجهة استقبال النفايات اللبنانية.
كيف ذلك؟
شركة شينوك الإنكليزية تحتاج إلى إبراز الموافقة الروسية على استقبال نفاياتنا، فلماذا لم تفعل حتى الآن؟
هل هناك فعلاً موافقة؟
فاذا كانت موجودة فلماذا لم تبرزها وينتهي الأمر؟
وإذا كانت غير موجودة فكيف تكون ورطت نفسها وورطت لبنان في هذا الأمر؟
وفي المحصِّلة ماذا نفعل بالنفايات في هذه الحال؟
وما هو مصير سلفة الخمسين مليون دولار التي أقرَّها مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة؟
***
اللبناني لم يعد بإمكانه الإنتظار، إن الكرة في ملعب البلديات، فلتقبل التحدي ولتبدأ بالمعالجة ولا تنتظر لا شينوك ولا ترحيل، فحتى الترحيل هو خطة موقتة، فماذا بعده؟
إذا كانت الخطة المستدامة لمعالجة النفايات لا تلحظ الترحيل، فلماذا لا يتم البدء فيها منذ الآن؟
لماذا الإنتظار سنة ونصف السنة؟
هل لوضع الجميع أمام الأمر الواقع للتمديد للترحيل على غرار ما حصل في السابق مع سوكلين ومع مطمر الناعمة؟
حضرات المسؤولين، التمديد ليس علاجاً:
لا في الرئاسة ولا في السياسة ولا في النفايات، أُنظروا الإهتراء الحاصل على كلِّ المستويات بسببه!