في الداخل فض عروض، في الخارج استعراض، الجامع المشترك بينهما ان لا فض العروض سجل النجاح المطلوب، ولا الاستعراض استكمل دوره بنجاح، وها نحن امام فشلين، ومعروف لدى جميع الذين يتعاطون في السياسة ان فشلين لا يصنعان تسوية.
وقد تجلَّى الفشل في قرار مجلس الوزراء والذي جاء فيه: مجلس الوزراء قرر عدم الموافقة على المناقصات وكلف اللجنة الوزارية اعادة درس الملف لايجاد البدائل.
وهكذا، وبعد دوران في حلقة مفرغة، عاد الملف الى الفراغ، وأسوأ ما في هذه العودة هي ان الالغاء جاء بناء على اقتراح وزير البيئة الذي هو نفسه كان أعلن قبل أربع وعشرين ساعة عن نتائج المناقصات، فكيف يبشّر الاثنين بالمناقصات ليعود وينعاها الثلاثاء؟ حقا انه بُعد النظر البيئي لمعاليه!
***
قبل الإنهيار السريع والمريع لبورصة المناقصات، كيف تدرَّج الوضع؟
فض العروض مُني بفشل ذريع، البعض يقول ان السبب في ذلك يعود الى التقديم الفاشل الذي قدّمه وزير البيئة، والفشل لم يعد صفة غريبة عنه وهو الذي تلاحقت قضايا الفشل التي حظي بها، من الفوضى في ادارته لهذا الملف الى التأخير في معالجته، ما تسبب بهذا الانفجار. البعض الآخر يقول ان ليس هناك من يستطيع الدفاع عن الأسعار المرتفعة خصوصا ان هذه الأسعار ستُدفع من الأموال المخصصة للبلديات والتي تفوق المليار دولار، وهذا ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى المطالبة باعادة النظر بهذه الأسعار وإلا الغاء المناقصات من أساسها.
***
في المقابل حاول وزير البيئة محمد المشنوق الاستدراك فأوضح أن هذه الأسعار تشمل اقامة معامل للمعالجة وتحضير وتجهيز المطامر في وقت كانت سوكلين تشغل معامل موجودة، كما ان هذه الاسعار تشمل موضوع الكنس الذي لم تكن سوكلين تقوم به خارج بيروت.
هذا الدفاع كان مصطنعا، إذ كيف يدافع عن شيء يعمد الى إلغائه في أقل من أربع وعشرين ساعة؟ هذا ما يجب ان يكون موضع مساءلة، وإما انه غير مستوعب للملف، وهذا ما يجعله ايضا في موقع المساءلة. هذا ملفٌ لا يجوز ان يطوى حتى ولو ان سوكلين خرجت من سوق النفايات، لكنها خرجت من بوابة الناعمة في الشوف لتعود من نافذة سرار في عكار، فسوكلين، وبطلب من مجلس الوزراء ستعود الى جمع النفايات لنقلها الى عكار، وقد استبق هذا القرار تقديم مساعدة الى عكار هي عبارة عن مئة مليون دولار تدفع على مدى ثلاث سنوات، لكن ليس بالضرورة ان يمشي هذا المشروع لأن ابناء عكار بدأوا تحركا تحت شعار عكار مَنّا مزبلة.
هكذا فإن الحكومة قررت الغاء المناقصات بغية اعادة التفاوض مع الشركات بخصوص الأسعار، لأنها تعلم علم اليقين ان هذه الأسعار مرتفعة.
ففي قراءة لرسو الاسعار فإن بعضها تجاوز سقف المئتي دولار ليصل الى 205 دولارات، فكيف سيتم تبرير هذا الرقم؟
***
هكذا فإن فوز ست شركات مع تحالفاتها المحلية والاجنبية لم يقفل باب أزمة النفايات بل فتحه على مصراعيه، بمعنى ان الحكومة باتت ملزمة بالاجابة عن كثير من الاسئلة وأبرزها كيفية اعداد دفتر الشروط وصولا الى هذه النتيجة – الفضيحة.
وإذا لم تستطع فإن هذا التحدي لا يمكن ان يقوم به الا الرئيس سعد الحريري، حتى ولو كان خارج الحكم، لكن حرصه ودأبه يجعلاه في قلب هذا التحدي، ومن دونه فإن هذا الملف سيبقى عرضة للإضطرابات والتبدلات والتقلبات، وسيستمر قنبلة موقوتة.
دولة الرئيس الحريري… أقدم للانقاذ، الجميع يطالبونك، ويطالبون بك، لكنهم لا يجرأون على الجهر. |