IMLebanon

الزّمن اللبناني المهدور

  

 

لا «يُلحّق» اللبنانيّون على حالات القلق الشّديد التي تحاصرهم وعلى كلّ المستويات، ووسط مخاض الحرب والسّلم القابض على زمامه حزب الله يُدرك الجميع أنّ هناك حرباً مقبلة مهما تأخرت، ويدركون وبنفس الوعي أن «ليس باليد حيلة»، لذا يتعامل الجميع مع هذا التوجّس بالتّجاهل، ومن الآن وحتى اندلاع تلك الحرب «فرج ورحمة»!

 

المفاوضات مع إيمانويل ماكرون لا يبدو أنها وصلت إلى نتيجة، إيران «شيطانة المنطقة» تريد التفاوض مباشرة مع «الشيطان الأكبر»، والجهود الفرنسية نكاد نقول وصلت أو ستصل إلى طريق مسدود، لذا لا مفرّ من حرب مصغّرة تدار بالوكالة عن إيران يكون لبنان وسوريا والعراق مسرحاً لها، ويبقى السؤال المرّ يطرح نفسه: إلى متى سنبقى نحن والمنطقة دمىً في يد الوليّ الفقيه، لا دور لها في مشاريعه إلا الموت خلال لعبة الحرب؟!

 

في تموز من العام 2016 كتبنا في هذا الهامش «بالإذن من السياسة، فالعالم يعيش أسوأ أيامه على مستويات متعددة وليس في السياسة فقط، (..) المؤمنون من جميع الأديان مشفقون ممّا يَروْن، ويدركون أنّ نُذًر قيام الساعة تالى في الظهور، وأنّ الكرب يشتدّ، وأنّنا في زمن جريان أنهار الدماء نعيش أكثر لحظات الأرض فساداً، في زمن القتل والتقتيل والقتلى والقتلة، حتى بتنا نخاف أن نتنفس الدماء التي تتطاير في العالم العربي، من فرط الجنوح في أعمال القتل تحت مسميات عدّة بدءاً من «داعش» انتهاءً بـ»حزب الله»، وصدق رسول الله، صلوات الله عليه، «عبادة في الهرج كهجرة إليّ» [الهرج زمن الفتن]..

 

نعيش في العالم العربي زمن القتل اليومي من دون أن يرفّ لنا جفن، فقد اعتدنا مشهد الدماء، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب وتتقارب الأسواق ويكثر الهرج قيل وما الهرج قال: القتل» [رواه أحمد وابن حبان]، وفي صحيح البخاري «استيقظ النبي صلّى الله عليه وسلم من النوم محمراً وهو يقول: «لا إلهَ إِلا اللَّهُ ويْلُ للعرب من شر قد اقترب، فُتِحَ اليومَ من ردم يأجوجَ ومأجوجَ مِثْل هذه وعقد تِسعين أو مائة» قيل: أو نَهْلِكُ وفينا الصالحون؟ قال: نَعَم إِذا كثر الخَبَث».

 

لقد كَثُرَ الخَبَث، وفينا الصالحون، وروى  البخاري ومسلم من حديث الزهري، عن أسامة بن زيد قال: أشرف النبي صلّى الله عليه وسلّم على أطم من أطام المدينة فقال: «هَلْ ترون ما أرى؟» قالوا: لا، قال: «فإني لأرى الفِتَنَ تقع خِلالَ بيوتكم كَوَقْع المطَر»، وهي اليوم كذلك تقع علينا كوقع المطر، وأخرج البخاري في الصحيح والترمذي في سننه، حديث النبي عليه الصلاة والسلام: «إصبروا، لا يأتي عليكم زمان، إلا الذي بعده شرّ منه، حتى تلقَوْا ربّكم»، وعلاج شرّ أيامنا وشرّ زماننا هو الصبر، نسأل الله أن يفرغ علينا صبراً، ونعوذ به من شرّ زماننا وأيامنا، ومن شرّ الشرير والشريرين..

 

وفي سنن أبو داود عن عبد الله بن عمر يقول: «كنا قعوداً عند رسول الله فذكر الفتن فأكثر في ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس فقال قائل: يا رسول الله وما فتنة الأحلاس؟ قال: «هي حرب وهرب، ثم فتنة السراء دخلها أو دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه ابني وليس مني إنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع، ثمٍ فتنة الدهيماء لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته حتى إذا قيل انقضت عادت يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً حتى يصير الناس إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجّال من يومه أو من غده» صدق رسول الله صلوات الله عليه…

 

يا ربّ، يحاصرنا دجّالون كثر أعجزونا، اللهمّ في أيام عاشوراء المباركة، نسألك اللهمّ أن ترحمنا برحمتك وتكشف عن عبادك يا رحمن شرّ كلّ ذي شرّ، وارحم ركّعاً سُجّداً، وشيوخاً ورضّعاً، وأخرجنا من هذه الدار غير مفتونين يا رب العالمين، فقد اشتد علينا ظّلم وظلام الظالمين.

 

ميرڤت سيوفي