نفهم إهتمامهم، جميعاً، بالإنتخابات النيابية العامة الآتية على صهوة حصان النسبية، من دون لجام البطاقة البيومترية، كما يبدو.
ونفهم أن يكونوا، جميعهم يعدون العدة لهذه الإنتخابات غير المألوفة في هذا البلد… فالنسبية التي فرضها بعضهم على البعض الآخر، ستشكل بالتأكيد منعطفاً لم يعتد المرشح والناخب اللبنانيان ارتياده…
من هنا نفهم تهيّب أطراف، البلبلة التي تظهر في سلوك أطراف، والحسابات العديدة لدى الأطراف كلها.
ولكن، ليؤذن لنا القول، إننا لا نفهم أن نكون على أبواب عودة النفايات الى الشارع في القريب، فنستعيد مشهد السيول التي تطوف على سطحها مراكب القمامة… وهو المشهد الذي سخر منا العالم بسببه، ولم يُشفق علينا، إنما استهان بنا، وتناولنا بأسوأ ما يكون الإنتقاد الذي وصل الى إعتبارنا بلداً (وشعباً ومسؤولين) فاقدي الأهلية الإجتماعية والمسؤولية العامة.
ولكي لا نكذب على أنفسنا، نود أن نقول بالفم المليان وبالصوت العالي أننا لا نفهم كيف أننا، في هذا البلد التعس، عاجزون عن إيجاد حلّ للنفايات… ولا نملّ من أن نردّد ما سبق أن قلناه، غير مرة، وكتبناه هنا مراراً وتكراراً… أجل لن نمل ولن نتوقف عن السؤال الأثيري الآتي ومتفرعاته: هل نحن البلد الوحيد في العالم الذي ينتج نفايات؟ وهل إن مقاربة مسألة النفايات بجدية وصدقية خصوصاً بمسؤولية يدخل في باب الممنوعات؟ ولماذا عجزنا، منذ ثلاث سنوات على الأقل، عن إيجاد حل لهذه المعضلة التي يصفها الجميع بأنها «قضية وطنية»، كما قال، أمس، النائب ياسين جابر وأيضاً كما قالت وزيرة التنمية الإدارية عناية عزالدين؟ وكيف كنّا قد وجدنا حلولاً للنفايات طوال العقود السابقة (منذ أيام المكنسة – البلاّنة وحتى الأمس القريب) ولم نعد قادرين على إيجاد هذا الحل؟ وهل أصيب العقل اللبناني المسؤول (نقصد لدى الموجودين في المسؤولية) هل أصيب بالعقم؟ وهل غابت العقول اللبنانية عن إبتكار الأفكار الفذّة؟!
طبعاً هذا السؤال، ومتفرعاته التي أوردناها آنفاً يمكن أن يتمدّد الى عشرات الأسئلة الأخرى حول الأرباح التي يمكن جنيها من النفايات… وحول كيف أن عشرات أصحاب المليارات في الولايات المتحدة الأميركية إنما جنوا ثرواتهم من نفايات نيويورك وسائر المدن الكبرى… وحول العروض المزعومة عن «تصدير» النفايات الى روسيا ليتبين أن المخطط كان رميها في البحر الأبيض المتوسط على بعد أميال محدودة من شاطئنا وكأنه ينقص هذا البحر مزيد من التلوث الى حدّ القضاء على البيئة والثروة السمكية فيه… وحول عروض من شركات عالمية لشراء نفاياتنا مقابل أموال تدفع نقداً وعداً بدلاً من أن يتحمل المكلّف اللبناني أعباءها الثقيلة… وحول الإصرار على رفض رفع اليد عن النفايات إذ يجب تحميل المسؤولية عنها لكل منطقة فتتولى حل معضلة نفاياتها (…).
والنقطة الأخيرة اعتمدها بعض المناطق وآخرها ما إحتفل به، أمس، بالذات، بإطلاق عملية إعادة تشغيل معمل النفايات الصلبة التابع لاتحاد بلديات الشقيف – النبطية وقد لفتنا فيه قول الوزيرة عزالدين عن المشغِّل الذي «تعهد بتعبيد الطرق التي تصل الى المعمل، وتوسعة عملية التسبيخ وأن يسهر على الحمولات التي تنقل النفايات أن لا تمر بالقرب من المنازل وأن تكون مغطاة حتى لا تنتشر الروائح، فضلاً عن أمور تقنية أخرى، والمعالجة طويلة الأمد، وأننا وفرنا أرضاً من خزينة الدولة اللبنانية لمطمر صحي بمنحة من الإتحاد الأوروبي وحتى يصبح جاهزاً سيكون هناك مطمر موقت الى جانب المعمل سنشرف عليه نحن في الوزارة».
فلماذا لا يتم تعميم هذه الحال على سائر المناطق؟!.
نأمل ألا يكون الجواب ممّا يدخل في أسرار الآلة!