{ هل تكون طوابير الماء أسوأ من طوابير البنزين ولو بأشكال مختلفة؟! وأصحاب المال لن يكونوا قادرين على شراء المياه بسهولة… تماماً كالبنزين!
ماذا لو أصبحت كل المنازل بلا مياه للشرب وأصبح كل الاعتماد على المياه المستوردة؟ وبأي أسعار؟ ماذا لو أصبحت كل بيوت اللبنانيين فعلاً «متل الحمام المقطوعه مايتو»؟! كيف سيتحمل اللبنانيون نتائج انقطاع المياه عن المنازل والمطابخ والحمامات و«الدوش»..؟ وكيف سيتعاطون مع نتائجها الكارثية؟ أمراض وأوبئة، زيادة في إصابات الكورونا، حالات موت جديدة وبأشكال مختلفة تهدد اللبنانيين!
إن لبنان هو أغنى بلد عربي بالمياه، لجهة استقلال المياه فيه! فهو البلد الوحيد في العالم العربي (بالاضافة الى المغرب وجبال الأطلس) حيث كل منابع المياه فيه تنطلق من أراضيه. وتذهب أحياناً الى جيرانه، كالعاصي والوزاني! أو مشتركة كالنهر الكبير الجنوبي (أو الشمالي في شمال لبنان!
فلبنان لا يتأثر كمصر بمنابع النيل وبسد النهضة في اثيوبيا، وبامكانية استعمال فائض في الري في السودان. ولا يتأثر كسوريا بسد اتاتورك الكبير التركي على نهر دجلة أو كالعراق بسد أليسو التركي أيضاً على نهر دجلة أيضاً. فتركيا تتحكم بهما وتعرضهما للعطش بفضل سدودها!
{ من ربح 4 مليارات دولار سنوياً في المياه الى خسارة في المال والأرواح!
لبنان، الذي كان قادراً أن يزيد من قدراته الاقتصادية مداخيل بقيمة 4 مليارات دولار سنوياً بحسب بعض الخبراء فيما لو استثمر بالمياه تحول الى بلد فقير بالمياه!
{ ليس بالنوايا الحسنة فقط يتوقف عطش اللبنانيين، الذين يشترون المياه تحت المطر!
لبنان بلد فقير بالمياه بسبب سياسيين فاسدين سرقوا أموال السدود، وأفسدوا كل شيء فيها! وحتى بعض البيئيين اساؤا تقدير حاجة اللبنانيين للمياه. أما السياسيون الفاسدون فقد اساءوا ادارة الملف بالكامل. واللبناني يشتري المياه ليشرب، كما لتعبئة خزاناته، ليس فقط في الصيف، بل في فصل الشتاء، وتحت المطر!!! فهل هذا يجوز؟! ومن سيدفع عن المواطن اليوم «ثمن» المياه، حيث سعر غالون 10 ليتر من مياه الشرب قفز من 1.000 ليرة الى حوالى 20.000 ليرة، وقفزت تكلفة تعبئة الألف ليتر من 5.000 الى 100.000 ليرة حتى اليوم؟!
{ سدود صغيرة على جداول المياه وبرك وغيرها
ولكن لبنان يستطيع الاستفادة من 2.000 جدول للمياه لبناء سدود صغيرة تستفيد من الانحدار الطبيعي والجاذبية لتجميع المياه ولتوليد الطاقة الكهربائية النظيفة على المياه. لبنان، الذي لم يهتم جيداً بمنابع المياه وسمح بادارته السيئة للمياه المبتذلة بضرب كل مصادر المياه العذبة من ينابيع وانهار وبرك وسدود ومجاري مياه… لبنان يعاني اليوم، وستستمر معاناته طويلاً! فلا محطات للصرف الصحي عاملة، ولا العامل منها فعال! برك على الجبال، حماية الينابيع، وسائل تخزين مختلفة، وقف خسارة المياه في الانابيب التي تحتاج الى تجديد… كلها عناصر مساعدة لتجنب الكارثة المائية!
اليونيسف تدق ناقوس الخطر، فهل يجب الاستمرار في التلهي، أم أن الضروري هو تأمين المياه! ولكن كيف؟ وكل الامكانيات تحتاج الى جدية وشفافية متوسطة وطويلة الأمد لاستدامة المياه.
{ الحلول المستدامة تحتاج الى وقت وشفافية وظروف طبيعية
امكانيات كثيرة يمكن للبنان العمل عليها في ظروف طبيعية. وقد اقترحناها مراراً وتكراراً في العديد من المؤتمرات المائية الدولية، من سدود صغيرة الى معالجة المياه المالحة، الى الافادة من الينابيع البحرية، الى تجميع مياه الشتاء عن أسطح المنازل، الى اعادة تدوير المياه الرمادية. وأيضاً اقترحنا افكاراً جديدة للافادة من الرطوبة في الهواء وتحويلها الى مياه للاستعمال، والى تنفيذ «شرايين» مياه عبر شبكات سواقي وبرك صغيرة لتجميع قسم كبير من المياه… بالاضافة الى زرع الاشجار الذي يحافظ على المياه في التربة وغيرها من الأفكار المتعلقة برفع الضرر ومعالجة النفايات من نفايات مصانع ومسالخ ومكبات ومطامر… عن الأنهار وتنفيذ محطات صرف صحي على المستوى الثالثي!
{ لا حلول جدية على المدى القصير
للأسف، لا حلول جدية على المدى القصير، كما في كل شيء في لبنان! واذا ما وصلنا الى المحظور، فليس هناك إلا الاستعانة بمياه البحر وباستنباط حلول لها لتحليتها، أو بشراء المياه من الخارج! وكل «الأشعار» الأخرى مدفوعة الثمن من كل عائلة على سعر الدولار بالسوق السوداء! وحتى المال لن يكون كافياً للتزود بالمياه، كما هو الحال مع البنزين والمازوت! فالى طوابير المياه در!