IMLebanon

المياه تنضمّ إلى لائحة الأزمات: إرتفاع بالسعر وعجز عن تأمينها

 

 

ترتفع نداءات الإستغاثة طلباً للحلول، بعد إرتفاع منسوب الأزمات التي تلاحق المواطنين وتتحكّم بمجريات يومياتهم، وتعلو الصرخات من فقدان أبسط مقومات الحياة التي بات تأمينها والوصول إليها يحتاج جهداً إضافياً يضاف إلى التعب الراسي على أكتاف الناس من المشقات والهموم.

 

عجيب أمر أولياء الأمر والتدبير في الدولة كيف يصمّون آذانهم عن أوجاع الناس ومعاناتهم، وتُعمى أعينهم عن إذلالهم وفقرهم، وكأن البلاد بألف خير والعباد تنعم بالخيرات كما يتنعّمون. لا يعنيهم دخول فصل الشتاء وتأمين المحروقات، ولا إنقطاع المياه أو فقدان رغيف الخبز، أو فقدان دواء يهدّد حياتهم، يعيشون في كوكبٍ غير الذي نعيش فيه، يتلقّون آلاف الدعوات يومياً من قلوب أمهاتٍ مكسورة وآباءٍ جار عليهم الزمن بفعل سياسات السلطة وأحزابها. لم يبق غير الهواء الذي يستنشقه اللبنانيون إلا وفُقد أو إرتفع سعره وتأثر بأزمة المحروقات وسعر صرف الدولار، السوق السوداء تتحكّم بيوميات المواطنين التي أصبحت أظلم من سواد جهنم، الغلبة للمحتكر والتاجر والغياب لمؤسسات الدولة وإداراتها المعنية بلجم ما يحصل وضبط الأسعار والتهريب والإحتكار. ولأن الطبقة السياسية قد أمعنت فساداً وهدراً للأموال العامة وكان معظم أربابها شركاء في عمليات التهريب، تراهم يغضّون الطرف ولا يحرّكون ساكناً على ما يجري، فالفئة التي تتحكّم بالناس من مافياتٍ وكارتيلات محمية منهم وتخرّجت من تحت أيديهم.

 

على أبواب الشتاء يصارع الناس لتأمين ما يلزم، يدورون حول أنفسهم بحثاً عن نافذة فرج تعيد الأمل إلى حياتهم من دون جدوى، صقيع الشتاء وبرد “كوانين” يلفح وجوههم وأجسادهم قبل أن يصل، فالمازوت غير مؤمّن وأسعاره فاقت الخيال والقدرة على التحمّل، وعنه نتجت أزمات كثيرة، من أزمة الرغيف إلى أزمة المولدات وما بينهما أزمات متتالية آخرها أزمة مياه الشفة، التي بات يصعب على الناس تأمينها في ظل إنقطاع الكهرباء، وشرائها نتيجة أزمة المحروقات في بعلبك، وتوقف الصهاريج عن حركتها اليومية في نقل المياه إلى المنازل، وانقطاع مردود مالي يعود على بعض العائلات التي تعتاش على هذه المهنة.

 

“حتى المياه التي خلقها الله ومن دون ثمن بات تأمينها صعباً في ظل ما نعيش”، بهذه الكلمات يصف أبو أحمد أزمة المياه وتوقف الصهاريج عن العمل نتيجة أزمة البنزين والمازوت، ويقول لـ”نداء الوطن”: “إن معاناة الناس وصلت إلى حدّ الصعوبة في تأمين مياه الشرب والاستعمال والتي هي أساس وعصب الحياة اليومية، وكأنه لا يكفينا “كورونا” والأمراض المتلاحقة التي تصيبنا، والفقر الذي نعيشه حتى نحرم من الحفاظ على نظافتنا الشخصية ونبرّد جمر جهنم التي نعيشها”، مضيفاً بأن مياه الدولة (شركة المياه) لا تصل إلى الحي بفعل إنقطاع الكهرباء، كذلك تعرّض الشركة والمعدّات الكهربائية فيها التي تساعد على ضخّ المياه إلى الأحياء للسرقة مرّات عدّة”، واوضح بأن عائلته المكوّنة من خمسة أشخاص تحتاج أسبوعياً إلى شراء المياه مرتين، وثمن النقلة 30 ألف ليرة، أي ما معدّله 250 ألف ليرة شهرياً “وهو ما بات يشكل عجزاً إضافياً يضاف إلى العجز الذي نرزح تحته”.

 

وعلى مقلب أصحاب الصهاريج التي تنقل المياه إلى الأحياء والمنازل في مدينة بعلبك، تشهد حركة شبه معدومة نتيجة أزمة المحروقات وفقدانها في المدينة، حيث أقفلت المحطات أبوابها وبقيت السوق السوداء تتحكّم بالأسعار من دون حسيب أو رقيب، وفيما كانت الصهاريج كل عام في مثل هذه الأيام تشهد حركةً مكوكية لا تهدأ أبداً، هدأ صوت الجرّارات الزراعية التي تجرّ خلفها الصهاريج، وخفت صوت المولّدات التي تضخ المياه إلى المنازل، وتوقّفت أعمال العديد من الشباب وارباب الأسر الذين يعتمدون على هذه المهنة لتأمين قوت يومهم. وفي هذا الإطار، أكد خالد مصطفى صاحب أحد الصهاريج أن عمله متوقف منذ اسبوع واكثر وهو لم يحرّك ساكناً بسبب فقدان البنزين والمازوت لتشغيل محرّكاته ونقل المياه إلى المنازل، “فسعر صفيحة المازوت بلغ 300 ألف ليرة لبنانية والبنزين أيضاً ولا يبيعوننا بالغالونات ونحن نحتاجها بشكل يومي ولا نستطيع أن نملأ مباشرةً من المحطات”، مضيفاً بأن صرختهم عبّروا عنها قبل أيام خلال إعتصام في ساحة المطران في بعلبك وقطعوا الطريق بصهاريجهم، مطالبين الدولة والبلديات بتأمين المحروقات وفق السعر الرسمي أسوة بالأفران وأصحاب المولدات “ولكن لم نلقَ جواباً أو إهتماماً، كذلك يعاني أصحاب الآبار التي نملأ منها من الأزمة نفسها، وشراء المحروقات وفق السوق السوداء يفرض علينا رفع سعر نقلة المياه، وهو أمر لا يمكن أن يتحمّله المواطن”، خاتماً بأن أزمة المياه في بعلبك ستزداد خلال الأيام القادمة إذا لم يجد المعنيون لها حلاً.