قبل أيام أدلى المبعوث الفرنسي الى لبنان بتصريح تناول فيه أنّ لبنان يملك ثروة مائية مهمة وكبيرة تضاهي الثروة النفطية، وهي كلها تذهب هدراً الى البحر لا يستفيد منها لبنان وشعبه على الإطلاق، طبعاً هناك إمكانية إقامة السدود، فيصبح بمقدور لبنان أن يصدّر المياه لا أن يقع في النقص بسبب الهدر.
كما يمكن الاستفادة من هذه الثروة لإنتاج الطاقة الكهربائية… وهو الموضوع الذي تطرّق إليه الموفد الفرنسي حول الخسارة التي توازي ملياري دولار سنوياً بسبب استعمال “الفيول” بدل الغاز.
يحدث هذا في وقت يستعد لبنان للمؤتمرات الدولية الداعمة والتي تطلب الدول المعنية بها، من لبنان، أن يقر موازنة تتضمن الإصلاحات، وحلولاً للنفايات والكهرباء.
والسؤال: كيف يساعدك الآخرون وأنت لا تساعد نفسك؟.. المياه… الطاقة… النفايات هي كلها مصادر للربح بدلاً من أن تكون مصادر للخسائر، هذا من حيث المبدأ، أمّا من حيث التنفيذ والواقع فإنها تشكل أعباءً ضخمة على كاهل لبنان يكاد يتعذّر عليه أن يقوم من تحت أثقالها…
لماذا؟
ببساطة لأسباب عديدة أدناها عدم اعتماد سياسات إرشادية لهذه القطاعات بالغة الأهمية، كي لا نذهب الى ما يقول به آخرون وما يوجهونه من انتقادات تبلغ حدود الاتهامات!
فهل من المنطقي أن نبقى نحو ربع قرن عاجزين عن توفير حاجتنا من الطاقة الكهربائية في حين أنّ بلداً مثل مصر (على سبيل المثال لا الحصر) تمكن من تحقيق مشاريع إنتاج نحو 14 ألف كيلوواط من الطاقة في خلال أشهر معدودة؟ أي تبرير يمكن أن تلجأ إليه الحكومات المتعاقبة، وبالذات وزراء الطاقة المتعاقبون (وجلّهم من فريق سياسي واحد)؟!. لا عذر ولا تبرير!
وفي الآونة الأخيرة استمعنا الى الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، كل على حدة، يقولان إنهما لن يقبلا باستمرار حال الكهرباء على ما هي عليه، وبالتالي فمن كان لديه اتهامات ينطلق منها ليعرقل أي مشروع في هذا السياق عليه أن يتقدّم باتهاماته المثبتة علناً.
وأمّا النفايات فحدّث ولا حرج، وكأننا البلد الوحيد في العالم الذي ينتج نفايات… وأضعف الإيمان أن نستفيد من تجربة الآخرين، وما أكثرهم، الذين حلّوا هذه المعضلة في اتجاهين: اتجاه البيئة من جهة والحفاظ عليها، واتجاه تحقيق أموال طائلة من النفايات من خلال الفرز وإعادة تدوير المواد الزجاجية والمعدنية والبلاستيكية والورقية الخ… وهي تشكل في حد ذاتها مداخيل بالمليارات… أضف الى ذلك أنّ هناك دولاً مستعدة أن تبتاع نفاياتنا!
إنّها حقائق مرّة بات الخروج من أزماتها المفتعلة أكثر من ضرورة.
عوني الكعكي