Site icon IMLebanon

«موجة» شارع جديدة!

 

يترقّب اللبنانيون انعكاسات جلسة مجلس الوزراء اليوم التي قد تتحوّل عاصفة وسط أزمات كثيرة يغرق فيها لبنان، بينها «عاصفة طقس حارٍ» لا يبدو أنّها ستنتهي، وإذا كانت حرارة الأيام العشر الأولى من شهر آب «معروفة» و»موصوفة»، فإن عاصفة «آلية عمل الحكومة» ـ مع ملاحظة أنّ اتفاق الطائف نصّ على أن «تعزز صلاحيات الوزير بما يتفق مع السياسة العامة للحكومة ومع مبدأ المسؤولية الجماعية» ـ  ستصطدم بأمر لا بُدّ منه مع التمديد لرئيس أركان الجيش اللواء وليد سلمان، وهو بات بحكم المسلّم به ويعني تالياً أن التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي بات حقيقة فعليّة ومن دون الانتظار موعد التمديد الأيلولي، وعليه القلق يشوب الأجواء اللبنانيّة فالشارع المأزوم بالنفايات والكهرباء وارتفاع الحرارة الشديد يكاد يكون سيارة مفخخة تنتظر الضغط على زر التفجير، فهل سنكون أمام «موجة عونيّة» تجتاح الشوارع اللبنانيّة تستبق قرار التمديد للعماد قهوجي ؟!

لا يخفى على أحد أن وزراء تكتل التغيير والإصلاح قطعوا الطريق خلال اليومين الماضيين حتى على أخطر النفايات وهو أخطر الملفّات الكارثيّة؛ وهذا ما اعتبره اللبنانيّون قطعاً للطريق على أي حلّ من الحلول، ولكن؛ هنا لا بدّ من طرح السؤال: ربما العونيّون ينتظرون الإشارة لتحريك الشارع احتجاجاً على التمديد لرئيس الأركان، فماذا لو تحرّكت الشوارع الباقية وانفجرت في وجه التعطيل، خصوصاً وأنّ رئيس المجلس النيابي وضع النقاط الحادّة على الخطوط الحمراء الحكوميّة، وعليه ما دام الرئيس نبيه برّي اعتبر أنّه ورئيس الحكومة تمّام سلام «واحد»، فهل نتوقع انضمام الرئيس بري إلى «المواجهة» التي يترقبّها اللبنانيّون مع ميشال عون عبر طريقة الضغط المعتادة لفرض تعيين من يريد من «الأصهرة» في المنصب الذي يريد من مناصب الدولة!!

ثمّة أسئلة تُثير قلق ومخاوف اللبنانيين بوجه عام، ولكن ليس من بينها بالتأكيد التهديد بـ»شلّ الحكومة» فهذه مشلولة من أشهرٍ وعاجزة عن اجتراح حلول، وقد ثبتَ للبنانيين خلال الأشهر الماضية أن تطبيق «اللامركزيّة الإداريّة» هو الحلّ الجذري لسلسلة المآسي التي يعيشونها هذه الأيام، وما مشهد الطرقات المقطوعة احتجاجاً على رمي النفايات هنا أو هناك، أو بعد ورود معلومات عن شاحنات تنقل النفايات من مدينة إلى كسّارة، إلا تأكيدٌ على حال الفوضى التي تعيشها الدولة اللبنانيّة، وعلى حال البلديات التي فقدت دورها كآلية عمل مستقلّة تخدم المناطق، فتمّ تسييسها وتطييفها والقبض عليها بما يتناسب ونظام الوصايا والاحتلال السوري، وهي حتى الآن مسجونة في شبكة المصالح السياسية الأخطبوطيّة، وهنا لا بُدّ من تذكير القارئ بالحرب التي نفذّها النظام الأمني عبر الانتخابات البلدية في وجه الرئيس الشهيد رفيق الحريري ليتأكد من خطر العبث في دور المجالس البلدية على امتداد لبنان، وما تعطيل صرف مستحقات صناديق البلديات إلا جزء من التآمر على الشعب اللبناني ومصالحه وتعطيل مبدأ اللامركزيّة الإداريّة لمآرب لا تجهل على أي لبناني!!

لا ينتظر اللبنانيّون أن يتحدّد اليوم موت أو حياة الحكومة، فالمطلوب إدخالها في غيبوبة اصطناعيّة في انتظار ترجمة واقعية لمفاعيل الاتفاق النووي الإيراني ـ الأميركي، وكلا الطرفين يعرفان أن هذا الاتفاق هو حتى الساعة محاصر برفض الكونغرس الأميركي الذي وإن استطاع باراك أوباما نقض قراره باستخدامه فيتو الرئيس فإنّ صلاحيات إبقاء فرض العقوبات أو رفعها عن إيران هو بيد الكونغرس لا بيد أوباما، كذلك الأمر في إيران، فالقرار الحقيقي هو بيد الحرس الثوري الإيراني لا بيد الرئيس حسن روحاني، وما بين الاثنين يبقى لبنان والعرب عالقون في فخّ التعطيل، فبالنسبة للعرب، من المستغرب أنّهم لا يزالون يجتمعون مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ولا يزالون يصدّقون الخداع والغش الأميركي، أما لبنان، فبالنسبة لنا الواقع الإقليمي أو اللبناني  لن يقدم ولن يؤخر في حالنا شيئاً، فالواقع الحكومي هذا مرّ علينا أسوأ منه بكثير ، ذات مرة من العام 1988 كان عندنا حكومتان وجيشان ولم يكن عندنا أيضاً رئيس للجمهوريّة، وكان  مشهد التعطيل اللبناني يحتلّه منفرداً طموح ميشال عون الرئاسي ولا يزال!!