Site icon IMLebanon

الطريق إلى القضاء على الإرهاب

لخصت افتتاحية “نيويورك تايمز” بدقة الموقف من الجريمة التي طاولت المجلة الفرنسية “شارلي إيبدو” فقالت بما معناه انه يجب أن لا ندع الارهابيين يقررون معايير الديموقراطية، لكن من العار ان تسعى مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية الى تسجيل مكاسب من خلال تسعير المخاوف ضد المهاجرين والمسلمين في فرنسا. وعطفا على ما قالته الصحيفة الاميركية لا بد من استخلاص عبرة من الجريمة الموصوفة للفصل ما بين إدانة مرتكبيها ومن يقف وراءهم وبين مئات الملايين من المسلمين في فرنسا والعالم. وإلا فإن من يسلك هذا النهج في تعميم المسؤولية يكون نسخة طبق الاصل عن هؤلاء المجانين الذين اندفعوا على طريقتهم في تفسير الاسلام وتطبيقه فارتكبوا الجرائم ولا يزالون باسم دين يمثل خمس سكان هذا الكوكب. إذاً ان المجرمين ومن وراءهم شرذمة صغيرة يعادلون جزءا صغيرا من سكان حيّ باريسي. والعبرة مما جرى أن يكون الموقف حاسما في اعتبار الارهاب ماضيا وحاضرا ومستقبلا عملا فرديا لا علاقة للجماعة به سواء أكانت هذه الجماعة جماعة المسلمين أم أتباع اية ديانة أو عرق.

في هذه المنطقة الصغيرة من العالم، أي لبنان، لدينا الكثير من الدروس التي يمكن إعطاءها للعالم كما أعطى أسلافنا الفينيقيون الابجدية للعالم القديم في القارة الاوروبية. أهم هذه الدروس أن لا يجري تعميم المسؤولية التي كانت وراء الكثير من الحروب التي دمرت هذا الكيان سواء بنسخة عام 1860 أو بنسخته عام 1920. فكان أن اندفع مجانين القتل الى الفتك بمواطنيهم من أتباع ديانة أخرى غير ديانتهم فعم الخراب وساد البلاء ولا تزال الجروح مفتوحة منذ عشرات السنين. إذا كان مرتكبو جريمة “شارلي إيبدو” إثنان أو ثلاثة فلا ضير من إضافة زعيم تنظيم “داعش” وجلاوزته إذا كانوا وراء القتلة واعتبارهم مطلوبين للعدالة يجب الاقتصاص منهم. تماما كما حصل لجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه عام 2005 فتبيّن للمحكمة الارفع في العالم أن المتهمين بارتكاب الجريمة هم بضعة أفراد من “حزب الله” وقد يمتد الاتهام الى مسؤول أو أكثر من الحزب، وعليه يجب ملاحقة هؤلاء والاقتصاص منهم مهما طال الزمن أو قصر. ولنتخيّل ماذا كان سيحصل لو اندفع متطرفون أخذوا على عاتقهم الانتقام من طائفة المتهمين، ألن يكون الواقع مشابهاً لكل المجازر الطائفية التي عرفها لبنان قديما وحديثا فيبقى القتلة الحقيقيون بعيدا عن العقاب؟

في سوريا المجاورة للبنان، يعمل النظام بكل طاقته لتحويل الصراع في اتجاه مماثل لما تفعله “داعش” وأخواتها. لا بل هناك من يؤكد أن أستاذ البغدادي هو أحد رموز النظام السوري الذي قتل في معارك شمال سوريا قبل أشهر. ومن السخف، لا من المعيب أن ينجرّ الحمقى في لبنان الى التعامل مع مأساة الالوف من اللاجئين السوريين أيا كانت طوائفهم واتجاهاتهم على قاعدة العداء بالجملة للشعب السوري فيما يجب حصر المسؤولية برأس النظام السوري وزبانيته وهم لا يتجاوزون عدد رواد أي مقهى في شارع الحمراء.