Site icon IMLebanon

الطرق في الجدالات الميثاقية.. والمخاطر الحقيقية؟!  

 

عشية توجهه الى دولة الكويت، حسم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كل الجدالات التي رافقت مرحلة الاعداد للانتخابات النيابية، ووقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الى الانتخابات النيابية بمراحلها الاربع، وتتوج في السادس من أيار المقبل بانتخاب اللبنانيين المقيمين على الاراضي اللبنانية..

 

لقد أطلق الرئيس عون، بالتكافل والتضامن مع رئيس الحكومة سعد الحريري، الضوء الأخضر للانطلاق الفعلي لاجراء هذه الانتخابات، التي يتطلع اللبنانيون، على وجه العموم لأن تكون نهاية مرحلة اتسمت بالفوضى والبلبلة ومصادرة الحقوق والعبث بها والغياب عن أبسط الواجبات التشريعية والرقابية، وبداية مرحلة جديدة، تفتح الابواب أمام الاصلاحات الحقيقية المطلوبة وعلى كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والادارية والقانونية وغيرها.. وتوفير كامل الحقوق للشعب اللبناني، الذي بات في غالبيته الساحقة تحت خط الفقر المدقع والعوز الضاغط..

يعطي الرئيس عون أولوية الاصلاحات المطلوبة، للجسم القضائي وقد يكون ذلك محقاً بحدود كبيرة.. إذ ان ما من أحد يقبل في دولة تدعي الديموقراطية والفصل بين السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية) كلبنان، ان تكون سلطة القضاء مكبلة اليدين وان يكون فوقها سلطة ترفض الاعتراف والاقرار بقرار القضاء وأحكامه، «لأن ذلك من شأنه ان يقوض سلطة الدولة ويقضي على ثقة المواطنين بها وبأحكامها، ويصبح اللجوء الى «شريعة الغاب» الخيار البديل، على ما قال الرئيس عون خلال استقباله وفد المجلس العام الماروني أول من أمس..

ليس من شك في ان الظروف التي أدت الى تمديد ولاية مجلس النواب مرتين، ليست قائمة حالياً، وان كانت بعض التطورات الاقليمية لا تريح.. والمسؤولون الدوليون الذين يتعاقبون على لبنان، يكررون تحذيراتهم من وقوع لبنان في فخ تعطيل اجراء الانتخابات بفعل التطورات الحاصلة والاشكالات الداخلية التي تجاوزت حدود كل ما هو متوقع، وتحديداً تلك الناشئة بين الرئاستين الاولى والثانية، على خلفيات هي في نظر العديد من المتابعين، لا تستحق كل هذه الضجة المفتعلة..

من أسف، ان الازمة بين الرئاستين «مكانك راوح».. والمعطيات المتوافرة تؤشر الى احتمال ان تزداد اتساعاً وسلبية، على نحو ما خلص اليه البعض في قراءة لقاء الرئيس نبيه بري، والنائب وائل ابو فاعور (موفداً من رئيس «اللقاء الديموقراطي «النائب وليد جنبلاط.. والحديث المتزايد عن «مخاوف جدية على (اتفاق) الطائف..» جراء محاولات البعض القفز فوق الطائف، «نصاً وروحاً..» وهو الاتفاق الذي وضع أساساً لضمان مشاركة الافرقاء اللبنانيين عموماً.. وتعزز ذلك، باعلان الرئيس بري ان «الذي يطبق اليوم على اللبنانيين: اللاطائف واللادستور..؟!

من خط الجميع، ان الرئيس سعد الحريري، الذي يتصف بالحكمة والاعتدال وبعد الرؤية، لايزال واقفا على رجليه، على الرغم من كل الضغوطات التي يتعرض لها، ومن غير مصدر، وهو الذي بذل جهوداً على خط ازالة الاشكالية بين الرئيسين عون وبري، لايزال كثيرون يتطلعون اليه، ليعيد الحياة من جديد الى دوره وساطته واستكمال ما بدأ على خط التسوية، وهو يشعر بعمق الحرج الشديد، عندما يستمع، او ينقل اليه اجتهادات البعض في «الطائف» وغير الطائف، بصرف النظر عن النصوص في الشكل والمضمون والروحية.. وقد «باتت هناك مخاوف فعلية وجدية بأن هناك من يريد ان يتعامل مع «الطائف» كأنه نص مهمل او روحية لا تستحق الوقوف عندها..».

قد يكون من الصعوبة بمكان بعيد حسم الخلافات المستولدة من رحم مرسوم ضباط 1994، او غيرها، والبعض ينظر الى ما يحصل على أنه أبعد كثيراً من «تقنية».. كما قد يكون من الصعوبة بمكان، في ظل الاعداد للانتخابات النيابية المقبلة، البحث في استعادة طاولة «الحوار الوطني»، فما قاله الرئيس نبيه بري لجهة ان ما يطبق هو اللاطائف واللادستور مثير للغاية ويفتح الباب واسعاً أمام نقاشات وسجالات لا تقف عند حد..

يخشى عديدون، ان تكون هذه التطورات، على أبواب الانتخابات التي أقرت في السادس من ايار من ايار المقبل، مدخلاً لـ»شعبوية» لا تقف عند حد، سياسياً واعلامياً وميدانياً.. تذهب بالبلد، اذا ما استمرت الامور على حالها، نحو معضلة أكثر تعقيداً، بل أشد خطورة، والافرقاء عموماً، يدورون في حلقة مفرغة من المواقف وباتوا أسرى لها.. و»الحوار الوطني» بات وراء ظهر الجميع.. على رغم تمسك الرئيس الحريري به، وهو عازم بعد عودته من – دافوس سويسرا – على اطلاق دعوته الحوارية، بين أبرز المرجعيات والافرقاء المعنيين.. خصوصاً وأن التطورات الحاصلة في المنطقة، وبالتحديد الانغماس الاميركي، وحركة الاتراك في وجه الاكراد على الارض السورية، كانت موضع متابعة واتصالات بين قيادات أميركية وأوروبية واقليمية وغربية، مع أفرقاء لبنانيين، والتي اعترفت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان بيرنيل كاردل، بعد لقائها الرئيس الحريري، أول من أمس، بأن «التغييرات الاقليمية الجارية حول لبنان، تؤثر عليه..».

لبنان في أزمة.. وهو على أبواب الانتخابات التي باتت أمراً واقعاً، والعيون الدولية تتابعه عن قرب، والافرقاء منشغلون كل في البحث عن تعزيز مكانته، او الحفاظ على ماهو والعيون عليه.. والصراع الاسرائيلي والاميركي ضد الفلسطينيين مفتوح على مداه والرسائل الاميركية تحمل في ثناياها مخاطر حقيقية على المستقبل، ما يعزز لدى البعض الدعوى الى طي صفحة الاشكالات المفتعلة والتطلع الى مصادر الاخطار الحقيقية ليبنى على الشيء مقتضاه وقد أعلن «الموساد» الاسرائيلي، ان لبنان والضفة الغربية ساحة واحدة؟!