IMLebanon

نحن وأزماتنا… والعصر  

 

درجتُ على متابعة التطورات العلمية وآخر المستجدات والإبتكارات في هذا المجال. وبقدر ما لدي من شغَف للإطلاع على الجديد، خصوصاً في مجال الطب، بقدر ما أشعر بحال من الضيق والقرف في أي مقارنة بين ما يسعى إليه العالم من ريادة آفاق المستقبل وما نحن راسخون فيه من صراعات وخلافات ونكايات وأحقاد وضغائن وصغائر!

 

أين نحن، من ثورة العالم في مجال تكنولوجيا الطب؟ فبينما لايزال عندنا مرضى يموتون أمام أبواب المستشفيات لأسباب بعضها الجشع وبعضها الإهمال… يقطع علماء الطب أشواطاً بعيدة في التوصل الى جهاز سوف يكون في الخدمة بعد سنوات، ولنقل بعد عقود قليلة، يضعه المرء على رأسه وشاشته مقابل عينيه فيكشف له تفاصيل التفاصيل في جسمه… إذ تجول كاميرا «نانوية» تكاد لا تُرى بالعين المجردة، داخل الجسم لتنقل ما تصوره الى الشاشة في ما يبدو بوضوح غير مسبوق.

وفي المجال الطبي ذاته سيكون، في القريب العاجل، بمتناول الإنسان أن يكشف على جسمه من خلال بطاقة يحملها مرتبطة بمختبر مركزي اليكتروني… وتكفي نقطة واحدة من دم صاحبها حتى تقدم له (فوراً) تحليلاً شاملاً كاملاً ليس فقط للدم وسواه (…) بل أيضاً لـ200 مرض شائع ومعروف… ليس بينها السرطان، لأنّ العلم سيكون قد وضع اللقاح ضد هذا «المرض الخبيث» موضع التنفيذ. وبالتالي لن يكون هناك مرض سرطان على الإطلاق… بل سيكون مصيره كمصير الأمراض والأوبئة الفتّاكة التي كانت شائعة في القرون المتعاقبة، ثم إنقرضت وهذا الجهاز يعني أمراً آخر إضافياً خلاصته: الوداع للمختبرات الطبية ولأدواتها وأجهزتها المعقّدة، خصوصاً للجهاز البشري الذي يُشرف عليها.

لقد أردت من نقل هذين التطورين الواعدين الى القراء الأعزاء أن أبث جرعة أمل في هذا الجو السياسي – الإقتصادي اللبناني المأزوم… وأيضاً لأشير الى التناقض وما يتحكم بنا من تخلّف وتقهقر فلا «نبرع» إلا في الخلافات والصراعات التي تنعكس علينا بأفدح الأضرار، والتي أدت، في المرحلة الآنية، الى هذا العجز القاتل عن تشكيل الحكومة، وليس ثمة انفراجات في الأفق بالرغم ممّا يبدو أنه حراك فرنسي يرعاه، من باريس، الرئيس ماكرون الذي يعد العدة ليكون ضيفنا في منتصف شهر شباط من العام  2019 المقبل.… على أمل ألاّ تبقى الأزمة الحكومية مستفحلة حتى ذلك الحين.

واللافت أن علماء لبنانيين شباناً وشابات يؤدّون أدواراً بارزة في هكذا إنجازات علمية. إذ يكاد لا يذكر ابتكار إلاّ تجد لبنانياً وراءه أو ضمن الفاعلين فيه!

فماذا لو عقد الأقوام عندنا الخناصر على الخير وتخلوا عن أنانياتهم، وتوافقوا ليس فقط على تشكيل الحكومة بل للإستفادة من طاقاتنا العلمية الفذة واستعادتها الى وطنها الأم، وتحويل هذا الوطن ليس فقط مركزاً لحوار الأديان والثقافات كما سيقترح الرئيس العماد ميشال عون في كلمته المرتقبة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وحسب، بل أيضاً تحويله الى مختبر كبير للعلوم والتكنولوجيا إن في مجال الطب أو الهندسة الحديثة أو أي مجال علمي آخر؟!.