Site icon IMLebanon

نحن” و”هم” و١٠ سنوات

لعلها أغرب المفارقات الدراماتيكية ان تشدنا الذكرى العاشرة للانسحاب السوري العسكري والوصاياتي” من لبنان الى أكثر من احد عشر مليون سوري مشردين في بلادهم او لاجئين في بلدان الجوار وأولها لبنان في موازاة ما تعني لنا الذكرى التاريخية نفسها. لا نسوق ذلك من زاوية استحضار أسوأ ما حصل للبنان ما بين ١٩٧٦و٢٠٠٥ وعنينا به الرزوح الأطول تحت وطأة التدخلات السورية المتعاقبة والمتنوعة في عصر “السلام السوري” كما كان يوصف في اكبر خدعة فرضت على اللبنانيين تجميلاً وتنميقاً لسطوة الوصاية طوال تلك الحقبة، وإنما من منطلق كانت فئات لبنانية كثيرة ترفضه حتى الأمس القريب وهو التمييز بين السوريين والنظام علماً انها نقطة مفصلية في الحكم “التاريخي” على عصر الوصاية

سحقت ممارسات النظام السوري في لبنان على امتداد السنين كل قدرة لدى اللبنانيين المتحررين من التبعية له على الفصل بين “السوريين” في تعميم مطلق والنظام الى حدود نشأة عنصرية لبنانية مبررة ولكن شديدة الشراسة لدى فئات عدة مناهضة للوصاية حتى الى ما بعد تاريخ الانسحاب في ٢٦ نيسان ٢٠٠٥ولكن احدا ما كان ليتصور ان النكبة السورية التي ربما تتصدر لائحة اكثر البلدان دماراً منذ الحرب العالمية الثانية ستتحول مصدر تغيير جذري في وجدان لبناني أنهكه الغضب والنقمة على الوصاية ونظامها . لو لم يكن هذا التغيير حاصلاً لما كان اللبنانيون تكيّفوا قسراً او طوعاً مع اثقل وجود بشري لأعداد النازحين السوريين في لبنان الذي تتناسل ازماته متشابكة مع تداعيات الحرب السورية. وعلى رغم موجات الغضب التي تتصاعد في جولات وجولات لا نعتقد اطلاقاً ان شعباً يستشعر محنة السوريين النازحين مقدار ما يبرز اللبنانيين بغالبيتهم بإزاء هذا الثقل الذي يهدد بلدهم بأضخم التكاليف والأثمان والتبعات. انها واقعاً الظاهرة الأهم التي نعتقد انها تواكب ذكرى عقد على الانسحاب السوري لا من منطلق المباهاة او الشوفينية اللبنانية وإنما من واقع استشعار هول ما حل بالشعب السوري. ونقول “الشعب” المشرد حصراً وليس اي وصف آخر، لأننا مقدار ما عانينا كلبنانيين في حروب الآخرين وحروبنا نعرف تماما معنى ذاك التطبع الظالم الدولي مع “يوميات” المجازر الجارية في سوريا التي باتت وقائعها تستعصي على الوصف

ليس ثمة أهم من تاريخ ٢٦ نيسان ٢٠٠٥ بالنسبة الى اللبنانيين متى قيس بمعايير ثلاثة عقود من الوصاية التي مسحت كيان لبنان خارجياً وكادت تقوض مقومات سيادته واستقلاله بالكامل. ولكن ثمة إضافة طارئة لا تقلل من هذا البعد اللبناني التاريخي تتمثل في الحكم على الوصاية من باب الوصي وحده الذي آن الأوان نهائياً للفصل بينه وبين شعبه بل ضحاياه