Site icon IMLebanon

لسنا جاهزين للحرب

 

الأجواء الصحافية التي تناقلت بالأمس إشارات سياسيّة عن سيناريو حرب مدمرة واجتياح إسرائيلي حتى بيروت، أقلّ ما يقال فيها إنّها تثير الذّعر لسبب بسيط، لسنا جاهزون للحرب، كلّهم يعلنون جهوزيّتهم لها، والمنطقة تتقلّب في أتون الحروب والطائرات الحربيّة تملأ فضاء المنطقة، كائنٌ من كان يستطيع أن يشعل حرباً، التحالف الدولي والتحالف العربي وإيران وحزب الله وإسرائيل والجيش اللبناني أعلن بالأمس جهوزيّته لمواجهة حرب إسرائيليّة، ولكن لم يسألنا أحد هل أنتم جاهزون للحرب أيها اللبنانيّون، بالتأكيد لا!

 

أساساً تصيب اللبنانيين نقزة من شهر آذار الذي نفذّت فيه إسرائيل اجتياحاً حتى نهر الليطاني عام 1978، ونقزة أخرى من شهر حزيران الذي نفّذت فيه اجتياحاً برّياً على دفعتين وصولاً إلى سقوط بيروت، الكلام المخيف المنقول بالأمس عن «مسؤول أميركي السابق أن الإسرائيليين يخططون لعملية عسكرية ضخمة تشمل اجتياحًا خاطفًا للاراضي اللبنانية حتى محيط بيروت، وتقدم اسرائيلي في شرق لبنان على الحدود اللبنانية – السورية لعزل قوات «حزب الله» المنتشرة في جنوب سوريا. وشدد على أن الاجتياح سيكون مدمرًا وسريعًا يترك وراءه أرضًا محروقة حتى بيروت» ـ الكلام المنقول ـ يثير الرّعب في قلوب اللبنانيين، منذ تموز العام 2006 لم يأخذ أحد على عاتقه تجهيز بنية حقيقيّة تحمي المدنيّين لمواجهة أي حرب مقبلة، والحديث عن سياسة الأرض المحروقة حتى بيروت، تعني نزوح ما لا يقل عن ثلاثة ملايين مواطن لبناني ونازح سوري ولكن إلى أين؟

لبنان رهينة بناء إيران جبهتها في سوريا ولبنان، ولبنان رهينة حزب الله الذي يستطيع أن يجرّنا إلى حربٍ مدمّرة مجدّداً حرصاً على مكاسبه الإيرانيّة في لبنان وسوريا، ولكن كلّ هؤلاء المدنيين إلى أين سيذهبون، لم يبقَ في لبنان شبر أرض ليس فيه كثافة سكانيّة لا تتناسب مع حجمه الصغير، لا يملك هؤلاء المدنيّون حتى القدرة الماليّة ليتحمّلوا ترف التهجير والهروب إلى أماكن أكثر أماناً!

ومن مخيف ما نقل بالأمس تأكيد «الإسرائيليون أنهم تعلموا دروس آخر حرب مع حزب الله في 2006. ما هو واضح وبصرف النظر عن الخسائر التي ستتعرض لها اسرائيل، أن الثّمن الضخم الذي سيدفعه لبنان، اقتصاديًا واجتماعيًا مع احتمال تدمير بنيته التحتية، وحصول شروخات عميقة في المجتمع بين مكوناته الطائفية عقب حرب شرسة، سيكون تاريخيًا فعلًا مع ما يعنيه ذلك لمستقبل لبنان كدولة كما نعهدها الان»، ومن المؤسف أنّنا قد لا نسمع أصواتاً سياسيّة مطمئنة تذهب عن اللبنانيين كدر هذا السيناريو المخيف، ومن المؤسف أيضاً أنّنا قد لا نسمع تطمينات دوليّة عن مظلّة دوليّة تبعد شبح هكذا سيناريو عن لبنان وشعبه.

المؤسف الأكبر وسط هذه المخاوف الكبرى، ومن المؤسف أنّ الحقيقة الوحيدة في موضوع خلاص لبنان وشعبه من هذا الاختطاف الإيراني للبنان على يد حزب الله، هي في هذا السيناريو المرعب، لم ينفع الاجتياح الإسرائيلي حتى الليطاني عام 1978 في إبعاد المنظمات الفلسطينية عن الحدود اللبنانيّة الجنوبيّة، ولكن اجتياح حزيران العام 1982 حتى حصار بيروت كان كفيلاً بإخراج الميليشيات الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، وضع لبنان اليوم أسوأ بكثير من وضعه في تلك السنوات!

عندما يكثر الحديث عن الحرب، تكون الحرب على الأبواب، وما يحدث في المنطقة يثير هواجس ومخاوف كثيرة ماذا لو فعلاً نحن أمام هكذا سيناريو مدمّر؟ ومن المؤسف أن لا أحد يستطيع الإجابة عن هذا السؤال الآن!