< الرئيس الأميركي الـ45 دونالد ترامب وفي حفلة تنصيبه الجمعة الماضي، أكد قناعاته ووعوده التي رددها في حملته الانتخابية بالقضاء على الإسلام «الراديكالي» وإزالته من على وجه الأرض.
هذا الشعار كان له تأثير بمثابة السحر على قلوب الناخبين الأميركيين، وقد يكون من القضايا التي رجحت فوز ترامب بكرسي الرئاسة، خصوصاً بعد حوادث إرهابية ضربت بعض العواصم الأوروبية والمدن الأميركية وتبناها تنظيم داعش، وكلنا يتذكر اتهامات الرئيس ترامب لإدارة أوباما السابقة ووزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون بأنهم هم من أسس ويدعم داعش، إلا إذا كانت تلك الاتهامات تدخل في السباق الحميم للفوز في تلك الانتخابات. تأكيد ترامب على تنفيذ هذا الشعار والوعد الانتخابي بالقضاء على الإسلام الراديكالي قد يثير مخاوف كثير من الشعوب الإسلامية والدول العربية عن الكيفية التي سينتهجها ترامب لتحقيق هذا الهدف.
حتى الآن لم تكشف الإدارة الأميركية الجديدة عن الكيفية التي ستتعاطى بها مع هذه القضية المعقدة، هل ستكون على شكل حروب وتدخلات عسكرية لضرب التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة والحركات الجهادية الأخرى في المناطق التي تحظى بحاضنات اجتماعية وثقافية، خصوصاً في بعض الدول العربية كما الحال في سورية والعراق وليبيا واليمن، أو في دول إسلامية مثل أفغانستان وباكستان وتركيا.
السؤال، هل ينجح الحل العسكري هذه المرة؟ ولماذا فشل التحالف الدولي الذي قادته واشنطن للقضاء على داعش، المكون من أكثر من 100 دولة؟ بل إن الحال وصل ببعض المتابعين والمحللين ومنهم الأميركيون إلى التشكيك في جدوى تلك الحرب، وهم محقون في ذلك، فداعش في العراق وسورية لم يتأثر من الضربات الجوية التي قام بها التحالف ضده، بل حدث العكس، إذ اتسعت الرقعة الجغرافية التي يسيطر عليها داعش، مع حرية في الحركة والتنقل بين دول تشهد اضطرابات أمنية مثل ليبيا وأفغانستان.
لا أشكك في أهمية العمل العسكري والاستخباري بين الدول في محاربة تنظيمات الإسلام «الراديكالي»، ولكن نحن شهدنا بقاء هذا التنظيم أكثر من عامين ضد تحالف دولي، وهذا جدير بالملاحظة، ويطرح الكثير من التساؤلات الجدية، بل إن البعض يذهب إلى تفسير ذلك بأنها مؤامرة دولية على العرب والإسلام.
من هذه التساؤلات كيفية تعاطي الإدارة الأميركية الجديدة مع تنظيم الإخوان المسلمين؟ وهل ترى أنه تنظيم إرهابي؟ وهل ستتحول إلى بناء تحالفات جديدة مع شركاء جدد كما ذكرت وسائل إعلام أميركية؟ في المقابل نحن نعرف أن هناك دولاً مثل تركيا والمغرب تقودها أحزاب إسلامية إخوانية؟
يبدو أن الرئيس الجديد لن يتخذ الحل العسكري لضرب هذه التنظيمات «الراديكالية»، وكلنا يتذكر وصفه للتدخل الأميركي في العراق بأنه أسوأ قرار اتخذ في التاريخ الأميركي، وباعتقاده – وغيره كثير- أن ذلك الغزو هو ما خلق بيئة ملائمة للحركات الجهادية الإسلامية، التي كنا نسمع أنها تدخل في مشروع شرق أوسط جديد.
الخيار المجرب في كثير من الدول هو الحرب الفكرية ضد الإسلام «الراديكالي»، ولكن يبدو أن هناك دولاً حققت بعض النجاحات، ولكن لا يزال الداء موجوداً.
ليس من المستغرب أن يلجأ ترامب إلى منظمات دولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن، والعمل على استصدار قرارات تجرم الخطاب «الراديكالي» الإسلامي في العالم، وقد تعزل استخدام الدين وتوظيفه في السياسة في أي بلد من العالم، في النهاية علينا عدم الخوف من هذا التوجه، فالمسلمون ومجتمعاتهم هم أكثر ضحايا هذه الحركات الإرهابية، والإسلام نفسه شوِّه وللأسف من قلة منا تدعي الدفاع عنه، وظل مفهوم الإسلام الوسطي «حبراً على ورق».