انعقاد القمة العربية الأخيرة السابعة والعشرين هو نذير شؤم لا بشير أمل كما تمت تسميتها تفاؤلاً، وذلك بصرف النظر عن المكان الذي عُقدت فيه. غير أن انعقادها في العاصمة نواكشوط في موريتانيا كانت له رمزيته الفاقعة… وكان هو البلد العربي الذي وافق على استضافة القمة – بعد اعتذار المملكة المغربية – دون أن تكون لديه الامكانات والتجهيزات والبنى التحتية اللازمة والكافية لاستضاتها. وقد فعل ذلك بدافع من عروبته وطيبة شعبه المكافح. والحصول على اعتراف ولو متأخر من الأنظمة العربية بانتمائه الى العروبة، بعد أن كان نسياً منسياً على مدى ردح من الدهر. وعدم اقتدار هذا البلد العربي الطيب على استضافة الوفود في الفنادق الفخمة والقصور الفاخرة يعكس الحقيقة المؤلمة، وهي اهمال العرب المقتدرين لأشقائهم العرب المحتاجين… مما اضطر السلطات الموريتانية الى ارتجال خيمة عملاقة لايواء جلسات القمة.
***
غير أن نذير الشؤم لا يأتي من موريتانيا ، ولا من شعبها الطيب، ولا من حكومتها المضيافة، وانما يأتي من أهل القمة أنفسهم، من حضر منهم، ومن تغيب بعذر أو دون عذر. وقد انعقدت القمة في ظروف يتذابح فيها العرب بين بعضهم بعضاً، اما مباشرة واما بالواسطة. ومعنى القمة في مثل هذه الظروف المأسوية المدمرة للأوطان والدول والشعوب العربية، هو انبثاق بادرة مصالحة عربية – عربية تقود الى وأد الخلافات، وتعود بالأمة الى أجواء التضامن والاستقرار والازدهار، فلا توجد أوطان عربية تنوء تحت وطأة الفقر المدقع، وأوطان عربية كانت تنعم بالثراء الواسع، ولكنها بدأت تشكو من العجز وعدم التوازن، من كثرة الانفاق على الحروب والأحقاد!
***
العرب كأمة وكأنظمة، هم اليوم على مفترق طرق… فاما ان يعودوا الى رشدهم، ويصحوا من غفلتهم، ولا يتوهموا أن العدو هو الصديق، وان الشقيق أو الجار هو العدو، لتصحيح مسارهم التاريخي، وهذا خير لهم في حاضرهم ولمستقبل أجيالهم الآتية. والطريق الى ذلك قيام مصالحتين تاريخيتين: عربية – عربية، واسلامية – اسلامية… واما انهم سيعودون الى الجذور التي أتوا منها، فيكون من بنيهم العرب البائدة كما حدث في الجاهلية. كما يكون من بينهم العرب العاربة الرحل في الصحاري والبوادي.
***
أهم خطر يواجه العرب اليوم، هو الانخداع بالمكر الاسرائيلي والصهيوني. وفي العهد القديم وفي التوراة، كانت كلمة العرب في مفهومهم تعني البداوة وأرض القفر والجفاف، وكانوا يسمونها ب الأرض المحروقة! وهذا هو المصير الذي يريدونه للعرب قديماً وحديثاً… واذا لم يستيقظ العرب من غفلتهم، فكلنا من الصحراء، والى الصحراء والخيمة نعود!