Site icon IMLebanon

نستطيع

جمانة حداد شاعرة وكاتبة لبنانية حازت جوائز عربية وعالمية عدّة، فضلاً عن كونها صحافية ومترجمة وأستاذة جامعية. تشغل منصب المسؤولة عن الصفحة الثقافية في جريدة “النهار”، وهي ناشطة في مجال حقوق المرأة. اختارتها مجلة “آرابيان بيزنيس” للسنتين الأخيرتين على التوالي واحدةً من المئة امرأة عربية الأكثر نفوذا في العالم، بسبب نشاطها الثقافي والاجتماعي.

14 أيلول 2015

يستطيع اللبنانيون أن يحققوا كل شيء، لو أرادوا.

يستطيعون إزالة النفايات من الطرق وحلّ أزمة الكهرباء والمياه وسلسلة الرتب والرواتب وسواها، لو أرادوا.

يستطيعون محاسبة الزعماء الفاسدين، لو أرادوا.

يستطيعون تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين طبقات الشعب، لو أرادوا.

يستطيعون تأمين فرص عمل ورواتب عادلة، لو أرادوا.

يستطيعون وقف الكسّارات، لو أرادوا.

يستطيعون التزام قوانين السير والقوانين كلها، لو أرادوا.

يستطيعون احترام البيئة والطبيعة والتراث، لو أرادوا.

يستطيعون محو الفقر وإعلان التطبيب المجاني والتعليم المجاني، لو أرادوا.

يستطيعون احترام المرأة واستثمار قدراتها الهائلة، لو أرادوا.

يستطيعون جعل صحافتهم حرّة حقاً، ومعبّرة عن رأي الآخر، ورافضة أي شكل من أشكال الرقابة، لو أرادوا.

يستطيعون منع كمّ الأفواه وغسل الأدمغة وإغماض العيون، لو أرادوا. يستطيعون إعلاء شأن الديموقراطية، من طريق الانتخاب الصحيح وتداول السلطات، لو أرادوا.

يستطيعون الصعود الى القمر، ولِمَ لا المريخ، لو أرادوا.

يستطيعون إنجاز الاختراعات وإحراز التقدّم في مجالات الطب والهندسة والمعلوماتية والتكنولوجيا والاقتصاد والجيولوجيا والبيولوجيا والكيمياء والفيزياء والأدب والفن والتاريخ والجغرافيا… لو أرادوا. هم يستطيعون التنافس مع جميع دول العالم، وفي المجالات كافة، لو أرادوا. أنا عارفة تماماً أن اللبنانيين يستطيعون، إذا امتلكوا الوعي والإرادة والحلم والرغبة، أن يجترحوا العجائب، وأن يحتلوا مرتبة الشعوب الأولى في العالم، علوماً وحضارةً وحداثةً ورقياً وديموقراطية، وسوى ذلك من طموحات جمة. ليس انطلاقاً من شوفينية لبنانية سخيفة، ولكن لأن العقل لا ينقصنا، ولا الإمكانات، ولا الطاقات البشرية، ولا الثقافة. فلماذا لا نستطيع، ولماذا لا نريد؟

الصورة التي يملكها معظم العالم الحديث عنا لا ترفع الرأس. هذا لا يعني أنه على حقّ بالكامل. لكننا نستطيع أن نغيّر هذه الصورة، بالعمل الإيجابي المضاد. نستطيع أن نغيّرها من أجلنا قبل أن نغيّرها من أجل الآخرين. الآن، أنظار العالم كله موجّهة إلينا، لمعرفة أين سيؤول بنا هذا الحراك: هل نملّ؟ هل نتعب؟ هل نيأس؟ هل نختلف في ما بيننا وننقسم، على عادتنا؟ هل ننسى مطالبنا وغضبنا حول كأس عرق وصحن تبولة، و”عمرو ما حدا يورث”؟

نستطيع أن ننجح، يا أصدقائي والصديقات. هي مسألة وعي وتصميم، ليس إلاّ. وهي أيضاً مثابرة. وصبر. ونفس طويل. وغضب محقّ نستثمره في وقته ومكانه المناسبين. ومواجهتنا الواقع بشجاعة، بدل إنكاره. وتحرّرنا من القيادات ومن الانتماءات ومن القبليات. وتنظيف نفوسنا من الغريزة الطائفية. وهلم.

فهل نريد؟