المبادرة الإيرانية: وقف نار وحكومة وانتخابات تشريعية ورئاسية ومصالحات
ظريف لـ«السفير»: ندعو السعوديين لرؤية الحقائق كما هي
كأنّه نجم لا ديبلوماسيّ، هكذا يقتحم وزير الخارجيّة الإيراني محمّد جواد ظريف الصالونات السياسيّة اللبنانية. نجوميّة مستمدة من نجاحه في توقيع الاتفاق النووي إثر مفاوضات شاقّة واجه فيها أعتى المفاوضين من أميركا وروسيّا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي والأمم المتّحدة، وانتهت المباراة التفاوضية الشاقة بفوز إيران وعودتها لاعبا مقبولا ومرغوبا من المجتمع الدّولي برمّته.
كلّ ذلك بفضل فريق ايراني مفاوض برئاسة هذا الرجل المبتسم دوما، والمقهقه فرحا كما الأطفال بعد أن نجح في لعبة التفاوض الشاقة مع الغرب من جهة، وبعد القدرة التي أظهرها في احتواء المعارضين في الداخل الإيراني من جهة ثانية، فكسب ثقة الجميع: المرشد والرئيس ومجلس الشورى والشعب الإيراني برمّته، فاتحا ردهات القصور الإيرانية امام الوفود السياسية وفنادق طهران للشركات الدولية المتهافتة لزيارة بلد عانى من الحصار منذ الثورة الايرانية حتى الآن.
وكأنه ساحر يتقن ألعاب الخفّة متسلحا بابتسامة لا تأفل تساعده على الإبهار، هكذا تحدّث ظريف الى «السفير» بلا كلفة ولا بروتوكول.
قبل سفره بدقائق، حرص على تأدية صلاته في مواقيتها، فاختلى في إحدى قاعات صالون الشرف في مطار بيروت، ثمّ عاد مبتسما ليختلي في أحد الصالونات الخاصة مع أسرة «السفير» بحضور مساعده للشؤون العربية د. حسين أمير عبد اللهيان وسفير إيران في بيروت محمد فتحعلي وعدد من الديبلوماسيين الإيرانيين.
بأسلوبه الدّيبلوماسيّ الدّمث الذي يشكّل نهجا في فنّ التفاوض المعقّد، أجاب ظريف على أسئلة «السفير» وقد بدا مستعجلا للانطلاق إلى دمشق حيث سيناقش المبادرة الإيرانيّة الرباعيّة للحلّ في سوريا والتي قال عنها نائبه حسين أمير عبد اللهيان ردّا على سؤال «السفير» بأنّه «لن يتمّ تقديم أية تفاصيل عن التعديلات التي أدخلت إليها قبل التشاور بتفاصيلها مع الرئيس السوري بشار الأسد»، معربا عن «تفاؤله بحلّ الأزمة في سوريا»، رافضا الخوض في تفاصيل المبادرة التي علمت «السفير» أنها تتضمن وقفا فوريا للنار على جميع الأراضي السورية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة، وإجراء انتخابات تشريعية تليها انتخابات رئاسية، أما البند الأخير فيتحدث عن حوار سياسي ومصالحات.
حرص ظريف في بداية حديثه على التوجّه بالشكر الى ناشر «السفير» الزميل طلال سلمان على «مساعي الصحيفة في إيصال أفكار شعوب هذه المنطقة وهمومها الى العالم»، مردفا: «كما أشكركم على نشر مقالتي «الجار ثم الدّار» في صحيفتكم الموقّرة» (عدد الاثنين 3 آب).
أضاف ظريف: «أتمنّى أن تكون الرسالة التي تضمّنتها هذه المقالة قد وصلت الى منطقتنا لأنها بحاجة الى ذلك؛ وبرأينا أن الموضوع النووي كان شأنا هامشيا وقد تمّت معالجته، لكنّ الشيء الحقيقي والأساسي يتعلّق بهذه المنطقة بالذات، ونحن نرغب في الواقع بالتّعاون وببذل المساعي من أجل خير هذه المنطقة وشعوبها».
وتمنّى ظريف أن تصبّ كل الجهود التي بذلت لمصلحة دول المنطقة برمّتها.
وعن سبب إلغائه زيارته الى تركيا قال: «كانت زيارتي لتركيا ستكون قصيرة، وبما أنني وصلت الى لبنان مساء أمس، التقيت مع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام الذي كان يزمع مغادرة بيروت الى الأردن اليوم (أمس)».
وأضاف: «كما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان في اسطنبول ورئيس الحكومة أحمد داود أوغلو ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو كانا في أنقرة، ولم تكن من إمكانية للقاء الثلاثة في فترة زمنية قصيرة. لكنني سأعود وأزور تركيا في الأسبوع القادم، لكي يتسنّى لي القيام بالزيارات المُجَدْوَلَة وهي مكثّفة».
وهل الأتراك مسرورون بالاتفاق النووي؟ يضحك ظريف ضحكته المعهودة ليجيب: «نعم، إنهم مسرورون من صميم القلب، وأتمنّى أن تكون المنطقة برمّتها مسرورة بهذا الاتفاق»، واستدرك: «ما عدا بنيامين نتنياهو، على الجميع أن يكونوا مسرورين بهذا الاتفاق».
وعمّا إذا كانت «الدّيبلوماسيّة الباسمة» التي اعتمدها في التفاوض مع الغرب حول الملفّ النووي الإيراني ستصلح ايضا في الحوار العتيد مع السعودية، خصوصا في ظل التشكيك السعودي والخليجي بنوايا إيران في المنطقة قال ظريف: «إننا نبتسم لأصدقائنا في هذه المنطقة من صميم القلب».
وردّا على تعقيب «السفير» بأن دول المنطقة تريد من إيران أفعالا لا ابتسامات، خصوصا لجهة عدم التدخّل بشؤونها، قال ظريف: «نحن نعتقد بأنّ أصدقاءنا السعوديين بحاجة لأن يروا الحقائق كما هي، نحن واجهنا وتحمّلنا مشاكل كثيرة، وتعرّضنا لمعاناة كبرى من جيراننا، ونحن لم ندعم صدّام حسين ضدّ السعوديين، بل هم من كانوا يدعمون صدّام حسين في حربه ضدّنا، وعلى كلّ، إذا كان لأحد أن يرضي الجانب الآخر، فلا بدّ لهم (أي السعوديين) أن يرضونا، علما بأننا لا نطلب هذا الشيء منهم».
وعن تداعيات الملف النووي على ملفات المنطقة، قال ظريف: «آمل أن ينعكس إيجابا وان تتمّ معالجة ملفات المنطقة وتسويتها».