IMLebanon

لا نريد “نهر البارد” ثانية

“دعا أمير جبهة النصرة في القلمون أبو مالك التّلي عبر تسجيل صوتي أنصاره الى نصرة إخوانهم في طرابلس مهدّداً بإشعال لبنان وتحويل ليله إلى نهار”.

بمجرد أن تقرأ الدعوة ينتابك غضب لا تعود معه تقبل الواقع الذي يحاول البعض في الداخل والخارج فرضه عليك وعلى ثلاثة ملايين لبناني وأكثر يرفضون تدخل “جبهة النصرة” و”داعش” في الشأن اللبناني او دخول ارهابيّيهما اليه. لا يمكن اي مواطن لبناني شريف ألاّ ينتفض رفضاً لهذا التهديد الذي يصيب كل واحد منا، ايا تكن منطقته او طائفته، او حتى انتماؤه السياسي. فتأييد الثورة السورية لإسقاط نظام مستبد، لا يعني أبداً تأييد الإرهاب المتأسلم، والمستبد أكثر من النظام القائم. لا يمكن “النصرة” و”داعش” ان يكونا بديلين من النظام السوري. ثمة حاجة الى بلورة قوة ثالثة كانت في أساس الثورة.

وفي لبنان، لا يمكن عاقل ألاّ يقف مع الجيش اللبناني والى الحد الاقصى، لأن البديل سيكون “داعش” و”النصرة”. البديل سيكون خراب لبنان مجددا، واستعادة التجربة المُرّة لعام 1975، عندما أُسقط لبنان في التجربة المُرة، وأدى التردد (كي لا نقول المؤامرة) الى منع الجيش من القيام بمهمته، فأصابه الوهن الذي قاد الى تقاسم ألويته وسراياه، ومعه تشلّعت البلاد. انها الكأس المُرة التي يجب ان يتجرّعها لبنان، وقد ذاق مرارتها، وأمكنه الى اليوم، النأي بالنفس قدر ما أمكنه عن التداعيات السورية. صحيح ان للبعض مآخذ على الجيش، وسائر القوى الامنية، كل من موقعه، لكن الحقيقة أيضا، ان تظهير تلك المشكلات حاليا، يُعد نوعا من الطعن بالظهر. أما انتقاد الجيش على ما سمُي إفراطا في استعمال القوة، فهو نوع من تغطية الارهاب، اذ لا يمكن فرض السيطرة على طرابلس والشمال، وإنقاذ المواطنين الآمنين، ومنع إقامة الدولة الخارجة على الدولة، بتوزيع باقات الزهر.

حوادث الأمس ذكّرتنا بمعارك نهر البارد التي نتمنى ألا تتكرر، لأن الجولات العسكرية استمرت عام 2007 مئة وخمسة أيام، وكلّفت لبنان 168 شهيداً ومئات الجرحى، وانتهت الى تسوية سياسية معيبة قضت بتهريب شاكر العبسي ومناصريه. وهذه الخلاصة المعيبة ادت الى تدهور الاوضاع والى حالات فلتان وعصيان على منطق الدولة تراكمت في أكثر من منطقة ولدى اكثر من جهة سياسية، وأوصلت، مع عناصر اخرى متعددة الى ما نعانيه حاليا.