كان لافتاً قرار إدارة جامعة اللويزة تأجيل الانتخابات الطالبية، وعملياً إلغاؤها.
والسبب يعود الى خلاف بين طلاب «القوات اللبنانية» وطلاب «التيار الوطني الحر» على اليافطات الدعائية للانتخابات، وذلك قبل موعد الانتخابات بـ 3 أيام.
ولاحقاً أرجأت الجامعة اليسوعية، بدورها، الانتخابات الطالبية كذلك لسببٍ مماثل.
عندما اطلعت على القرارين لم أصدّق ما بلغني في شأنهما، خصوصاً وأنّ الجامعات اللبنانية هي منبت للديموقراطية وميدانها، وبالذات الجامعات التي (ولنقلها بصراحة) أنشأها المسيحيون.
فمَن يصدّق أنّ الجامعة اليسوعية، على سبيل المثال لا الحصر، تؤجّل الانتخابات الطالبية، وكذلك جامعة اللويزة بسبب الخلافات الحزبية؟!
فهل وصلت الأمور في الديموقراطية ولدى الديموقراطيين الى هذا الحضيض؟
يبدو أنّ المسيحيين اللبنانيين قد نسوا أو تناسوا تاريخهم العريق!
نسوا أنّهم هم الذين حفظوا لغة القرآن، اللغة العربية التي أنزلت بها الآيات البيّنات… فأنقذوها من التتريك بعدما احتضنوها في الأديار والكنائس.
نسوا أنّهم هم الذين أوصلوا لبنان الى أن يكون دولة مميّزة في المجالات الحضارية كلّها، في البلد عموماً: في الجامعات، في العلم، في الثقافة، في الطب، في الإستشفاء حيث أنشأوا أهم المستشفيات في هذا الشرق العربي وفي سائر مناحي الحياة الفكرية والعملية.
ونتطلع الى اخوتنا في الوطن، الى المسيحيين، فنقول لهم: اتفقوا في ما بينكم على شخص منكم وارفعوه الى رئاسة الجمهورية.
ألم يعد لدى المسيحيين من شخص يتفقون عليه، فتجتمع كلمتهم على انتخابه رئيساً وعندئذٍ سيلبي المسلمون النداء ويصل بشبه إجماع إن لم يكن بالإجماع!
لماذا لا تتمثلون، يا اخوتنا المسيحيين، بالطوائف الاسلامية التي كنتم متقدّمين عليها كلها؟
لقد أجمع أهل السُنّة على أنّ الرئيس سعد الحريري هو أكبر زعيم في الطائفة وهم لا يقبلون أن يكون أي مسلم سنّي غيره رئيساً للحكومة، ولكن الرئيس الحريري تنازل عن حقه في رئاسة الوزارة كي لا يبقى الوطن من دون حكومة، عفواً من دون رئيس حكومة وهذه التضحية إن دلّت على شيء فإنّما تدل على أنّ الرجل المسؤول عليه أن يتحمّل المسؤولية، وهنا نذكر مسؤولية سد الفراغ الرئاسي.
والثنائي الشيعي، أي حركة «أمل» و»حزب الله» أجمعوا على الرئيس نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي منذ نحو ربع قرن ولا يزالون متمسّكين به.
لذلك نقول لإخوتنا في الوطن، وأعني هنا إخواننا المسيحيين أن يستحضروا تجربتهم الذاتية عندما اتفق زعماؤهم في الحلف الثلاثي (الرئيس كميل شمعون ومؤسس «لكتائب» ورئيسها بيار الجميّل وزعيم المعارضة ريمون إده) فأسقطوا «المكتب الثاني» والنهج الشهابي الذي كان في عز قوّته، واتفقوا على شخصية لم تكن من حلفهم، فجاءوا بسليمان فرنجية رئيساً للجمهورية.
نحن ومن موقع محبتنا للبنان أولاً، ومن حرصنا على مصلحة الوطن، نطلب من المسيحيين، لا بل ندعوهم الى وقفة ضمير وتأمّل في واقعهم في لبنان، وواقع سائر المسيحيين في المنطقة واستخلاص العِبَر، وبالتالي الإسراع الى التوافق على شخصية يقوم حولها شبه إجماعهم إن لم يكن إجماعاً كاملاً… فتحل عقدة الانتخاب الرئاسي، ويبدأ الوطن باستعادة مقوّمات دولته… ويبدأ المسيحيون مسيرة الحفاظ على دورهم!
وما هي المشكلة إذا لم يستطع الجنرال ميشال عون أن يكون رئيساً للجمهورية؟ وهل نبقي مركز رئيس الجمهورية فارغاً لأنّ الجنرال عون لا يقبل أحداً غيره؟
أمّا قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع فقدّم تنازلاً حين قال إنّه مستعد لأن يتفق مع الجنرال عون على مرشح آخر.
عوني الكعكي