Site icon IMLebanon

نريد رئيساً

 

 

لا حقّ مكرّساً لعامة الناس في النظام اللبناني باختيار رئيس للجمهورية. يوكلون المهمة لنوّابهم الأكارم، مفترضين أن يقوموا بواجبهم في جلسة الإنتخاب الأولى أو الثانية لا أن يحوّلوا الإستحقاق الإنتخابي إلى ابتزاز موصوف لفرض هذا المرشح الرئاسي أو ذاك. الثلث يعطّل الأكثرية.

 

يستطيع اللبنانيون، على تنوّع مشاربهم، أن يرفعوا الصوت عالياً وساخطاً في وسائل الإعلام – رغم أن الوزير قرداحي يؤثر الصوت المخفوض المهذّب – مطالبين برئيس يستطيع الإمساك بدفة قيادة السفينة حقيقةً وليس إنشاءً.

 

وكلبناني، قبل أن أمتهن الإعلام، أجيز لنفسي أن أكتب بصيغة الجمع، كممثّل لثلاثة لبنانيين على الأقل يطمحون أن يعاصروا رئيساً جديداً للجمهورية اللبنانية بالمواصفات الآتي ذكرها:

 

نريد رئيساً ليس في سجلّه أنه ساهم يوماً في تعطيل استحقاق دستوري.

 

نريد رئيساً للجمهورية لا يكلّف نفسه قيادة سفينة الإنقاذ والتحكّم بالدفة. لدينا ما يكفي من قباطنة سابقين ومن غطّاسين. الأفضل أن يمتلك موهبة أخرى.

 

نريد رئيساً لا يبدأ التاريخ به.

 

نريد رئيساً متواضعاً لا يردد آلياً في خطاب القسم ما سبق أن ردده أسلافه عناوين مبهرة كاستقلالية القضاء، والتنمية المستدامة وضمان الشيخوخة وحق التعليم وتطوير البنى التحتية وتفعيل اقتصاد الإنتاج (عكس الريعي) ولا يختم المعزوفة بالعزم على إصلاح موروث الثلاثين سنة. وحق ربكم بلاها.

 

نريد رئيساً يُستقبل في عواصم العالم الحر كحرّ.

 

نريد رئيساً يملك موقفاً نابعاً من ذاته وليس من بير العبد أو أي بير.

 

نريد رئيساً لا نعرف شيئاً عن أشقائه وأبناء عمومته ولم نسمع شيئاً عن تميّز صبيانه وألمعية بناته وحكمة زوجته ولا يملك أصهرته مواهب استثنائية وليس في سجلاتهم أعمال خارقة ولم نرهم ولا رغبة لدينا أن نراهم إلا في صورة العهد الوداعية.

 

نريد رئيساً نشيطاً مبادراً زاهداً يذهب إلى الناس في أحيائهم الفقيرة ولا ينتظرهم كي يأتوا هم إليه للتبرّك كل أحد من أطراف أكمامه.

 

نريد رئيساً حفظ الدستور غيباً ولا يمضي سنوات عهده في ابتكار المعايير وتصنيع المقاييس على مقاس شخصه الكريم.

 

نريد رئيساً لدولة كاملة المواصفات.

 

نريد رئيساً مقلّاً في العظات.

 

نريد رئيساً يُحكى فيه ولا يحكي هو عن نفسه.

 

نريد رئيساً يجرؤ على الإعتراف بخطأ ارتكبه. ويجرؤ على الإستقالة إذا ما طالبته الأكثرية النيابية أو الشعبية بالتنحي.

 

نريد، نحن الثلاثة على الأقل، رئيساً يُصفّق له الناس طويلاً لحظة انتهاء ولايته الدستورية، كما صفّقوا لأنجيلا ميركل بدل أن يتنفسّوا الصعداء مختصرين كل الضيق المكبوت في ستة أعوام.