IMLebanon

نريد أفعالاً لا أقوالاً

 


لم يتجنّ الوزير نهاد المشنوق على أحد، ولا بالذات على زميله في الوزارة الوزير جبران باسيل، عندما وضع النقط على الحروف في الاحتفال المقاصدي الذي أقيم تكريماً له، وفي تقديرنا أنه حسناً فعل، كي لا تتراكم السلبيات، ولأنّ وضع النقط على الحروف وإظهار الأمور على حقيقتها ربما يكون مدخلاً الى التصويب ومعالجة الأخطاء.

 

 


بمنهجية واقعية تحدّث وزير الداخلية عن التسوية التي أدّت الى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، فوصفها بالتسوية الرباعية (التفاصيل الكاملة في غير مكان من هذا العدد) وعرض للأسباب الموجبة لكل بند من بنودها، واصفاً بعض تصرّفات وزير الخارجية بأنها تشكل تهديداً فعلياً للتضامن الحكومي…

وكان الوزير المشنوق حاسماً في أمرين على الأقل: رفضه الإحباط مؤكداً على أنّ فريقه لم يقدّم أي تنازل إنما حقق الكثير في المشاريع والتعيينات… وأيضاً حسم في رفض سياسة الصدمة والإلزام والإرغام… مهدّداً برد فعل سيكون في مستوى الصدمة، وسيكون وشيكاً…

والواقع أنّ تصرفات وتصريحات ومواقف وزير الخارجية (التي حيّد وزير الداخلية رئاسة الجمهورية عنها) شكلت وتشكل استفزازاً قدر ما تضرب أسس التسوية الشهيرة.

ولا يمر يوم واحد إلاّ ويتحفنا الوزير جبران باسيل بتصريح أقل ما يمكن أن يُقال فيه إنّه ناري واستفزازي وليس في مصلحة العهد ولا في مصلحة لبنان… ومن يسمع كلامه يظن أنّ وزير الخارجية عنده سياسة خاصة به لا علاقة لها بالدولة اللبنانية وبمصلحة لبنان ولا حتى بسياسة النأي بالنفس حسب البيان الوزاري الذي على أساسه تشكلت الحكومة.

نقول هذا الكلام لأنّ الكيْل طفح وهذه الطريقة التي يتعاطى بها جبران غير مقبولة لا في الشكل ولا في المضمون.

في الوقت الذي يدّعي أنه حفظ حصة المسيحيين في الانتخابات النيابية لغاية عام 2053 في هذا الوقت بالذات ذهب الى نيويورك ليطلب من وزير خارجية النظام المجرم الذي يقتل شعبه وهو الذي عانى منه اللبنانيون الأمرين لمدة 30 سنة أي منذ عام 1975 الى يوم الانسحاب في 26 نيسان 2005 وطبعاً تنفيذاً للقرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن الدولي.

والغريب العجيب أنّ الوزير جبران هو الذي طلب الاجتماع مع وليد المعلم تحت شعار أنه يريد إنهاء أو إيجاد حل للنزوح السوري في لبنان.

فعلاً انها عجيبة من عجائب الدنيا السبع جبران يطلب من الذي اقتحم قصر بعبدا واضطر الرئيس ميشال عون للتوجّه الى السفارة الفرنسية، الآن يطلب منه حلاً…

يعني القتيل يطلب من القاتل أن يساعده!

قضية ثانية ارتكبها جبران باسيل إذ أنه استبدل السفير اللبناني في اليونسكو السفير خليل كرم ووضع مكانه السفير رامي عدوان ليتبيّـن في ما بعد أنّ العملية كانت من أجل أن يصوّت لبنان لمصلحة المرشح القطري للأمانة العامة في اليونسكو.

نسأل الوزير الذي حاول أن يقول ولكنه لم يقل شيئاً في هذه المسألة: هل مصلحة لبنان اليوم وفي الظروف الحسّاسة جداً خصوصاً أنّ كل دول الخليج اتخذت موقفاً من قطر أن نكون مع قطر ضد مصر أم أنّ هذه هي السياسة التي تنتهجها الحكومة، سياسة النأي بالنفس؟

على كل حال، ليس هذا ما يفعله جبران باسيل في السياسة الخارجية وحسب بل ما يفعله أيضاً في التعيينات القضائية وفي الخارجية إذ أنه حصر حصة المسيحيين كلها في مصلحة أزلامه والمقرّبين منه.

ونذكّر بأنّ الرئيس الحريري كان قد ذهب الى أميركا بالرغم من معرفته بموقف أميركا من «حزب الله» واستطاع أن يقنع الاميركيين بمساعدة الجيش لأن لا قيام للدولة في لبنان إلاّ بقيام جيش قوي… وذهب الرئيس الحريري الى موسكو لأنّ القرار اليوم في سوريا هو في موسكو وهذا معروف إذ لولا التدخل الروسي لذهب النظام المجرم الى مزبلة التاريخ.

وليس هذا فقط بل ذهب الى الڤاتيكان من أجل توجيه رسالة بأنّ لبنان لا يمكن أن يكون إلاّ بالعيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين وأنّ المسلمين مصرّون على هذا العيش المشترك مناصفة في كل شيء كما جاء في «اتفاق الطائف».

ونعود لنقول للوزير جبران باسيل: إنّ الاتفاق مع سوريا اليوم خطأ:

أولا: إنّ هذا النظام لم يعد موجوداً وأكبر دليل ما حصل في عرسال، فالاتفاق جرى بين «حزب الله» وبين «النصرة» وهكذا انتقل عناصر «النصرة» مع عائلاتهم الى ادلب.

ثانياً: الاتفاق الذي جرى في جرود بعلبك والقاع جرى بين «حزب الله» وبين «داعش» وانتقل المقاتلون مع عائلاتهم في سيارات أو حافلات مكيّفة الى دير الزور.

ثالثاً: الاتفاق الذي جرى في الغوطة كان بين الروس والمصريين.

في الخلاصة لم يكن هناك أي اتفاق مع نظام المجرم بشار الأسد.

أخيراً، ما قاله الدكتور سمير جعجع في اوستراليا يشكل رداً منطقياً على محاولة باسيل التطبيع مع النظام فأعلن أنّ عودة النازحين هي قضية سيادية وعلى الحكومة اللبنانية اتخاذ القرار.

وما قاله الوزير أكرم شهيّب إنّ التوافق هو أهم من مقعد نيابي، وجاء هذا الكلام رداً على «الاستعراض» الذي نفذه باسيل، أمس، في رشميا.

وما قاله الوزير معين المرعبي رافضاً لقاء باسيل مع وليد المعلم «وزير خارجية الغازات السامة».

وما قاله النواب: سامر سعادة وأمين وهبة وعماد الحوت وخالد زهرمان حول الخطاب العنصري في قضية النزوح الذي لجأ إليه باسيل.

وفي النهاية، فإنّ عمل الوزير جبران باسيل يختصر بأنه فقط للاستفزاز وتحميل الكره للعهد، وإيجاد عداوات للعهد ما كانت لتكون لولا هذا الاسلوب الاستفزازي.

عوني الكعكي